خالد الطراح: هيجان هوس الطواويس!

زاوية الكتاب

كتب خالد الطراح 445 مشاهدات 0


ثبت بما لا يدعو للشك لوهلة من الزمن أن هناك سياسيين مصابين بهوس الطواويس، فبدلاً من أن يبادر هؤلاء إلى فهم سيكولوجية الجماهير واتجاهات الرأي العام، نجدهم موهومين بالوصاية على الديموقراطية وكأنها ملكية شخصية!

يصاب بهوس الطواويس وتتسع دائرته في الهيجان كل من جاء بمباركة تحالفات غير مبررة سياسياً مع الحكومة والعطاش برلمانياً في التودد إلى سلطة القرار الحكومي ـــ البرلماني على مستويات مختلفة، والتنفع من ذلك التودد ربما مادياً ونفوذاً، فالحنان الرسمي له أحضان رحبة!

انقلبت معادلات ونظريات سيكولوجية الجماهير من دراسة اتجاهات رأي الجماهير، أي الشعب، إلى تحليل طبيعة هوس الطواويس لحالات فردية ذات نفوذ ومولعة في سطوة السلطة.. تحد اجتماعي وسياسي حين تكون المواجهة غير عادلة قانوناً وعدالةً!

تغير عميق في السلوك الفردي والرسمي يصيب الفرد ذا النفوذ والقرار برلمانياً وحكومياً، حين تكون الأحداث معظمها أو جميعها لمصلحة الفرد ذاته ومن التف حوله.. ثمة عوامل غير مرئية تحول دون ملاحظة هذه العوامل بسبب حجم النفوذ والسطوة الأنانية!

تتهيج ظاهرة هوس الطواويس حين يكون الفراغ السياسي لمصلحة تلك الظاهرة القاتلة اجتماعياً وسياسياً، وخصوصاً حين تخرس ألسن ونوافذ الإعلام بشتى أشكالها وأنواعها وتوأد بالوقت ذاته روح الجماهير.

تتساقط الآمال في نضال الجماهير إعلامياً وحراك شعبي سلمي وفكري بغاية التصويب والتصحيح السياسي والتصدي للوقائع الصاعقة حتى لا تترمل الحقيقة حكومياً وبرلمانياً، وللقضاء على هيجان هوس الطواويس بين ممثلي الشعب تحديداً. 

لسنا نشكك في قوة الجماهير أينما كانت.. لكننا نفقد الأمل حين ينحني ميزان العدالة الاجتماعية والسياسية لمصلحة طواويس سياسية ليست على قناعة بالديموقراطية أساساً، ووهم ما يروج له عن المصدة البرلمانية الأخيرة مدنياً، وهو فيما أحسب زرع الألغام في روح الجماهير!

لا يمكن للأنظمة الديموقراطية الدستورية أن تتطور وتحافظ على مكتسباتها، حين تكون القاعدة الجماهيرية هشة بسبب الهيمنة والنفوذ والتوجيه للرأي العام ككل نحو غاية واهمة ومغايرة للحقيقة.. فالقوة التدميرية لظاهرة هوس الطواويس أكبر مما نتصور ونتوقع سياسياً واجتماعياً!

لا يمكن الاحتكام للعقل، حين يكون الانتقام السياسي توجهاً نافذاً إعلامياً وسياسياً، بل فرضاً غير قابل للجدل ولا الرفض، في حين تغيب نهائياً بفعل هوس الطواويس الروح النقدية للجماهير.. تنتصر قوة التجبر على العقل حين تشوه الحقيقة حتى لو كانت مُشعة وساطعة.

المصدر: القبس

تعليقات

اكتب تعليقك