داهم القحطاني: المتقاعد المظلوم
زاوية الكتابكتب داهم القحطاني فبراير 6, 2022, 10:54 م 374 مشاهدات 0
صادم وغير متوقع ما قامت به مؤسسة التأمينات الاجتماعية من حرمان عدد من المتقاعدين من مكافأة نهاية الخدمة عن سنوات طويلة عملوها ودفعوا استقطاعاتها، والسبب المعلن أن هؤلاء المتقاعدين حصلوا على مكافآت نهاية خدمة في وظائف سابقة، وهو تفسير غريب للقانون يستغربه ويرفضه النواب الحاليون والسابقون الذين أعدوا القانون وشرعوه، ومنهم النائب والوزير السابق يعقوب الصانع.
وهكذا وجد المتقاعد الكويتي نفسه أمام مؤسسة ضخمة ترفض إعطاءه حقوقه القانونية رغم أنه خدم فعلياً مدة قانونية، ودفع مقابلها الاستقطاعات المطلوبة، وهو ما يثير تساؤلات عدة، من أهمها سبب عدم قيام مؤسسة التأمينات الاجتماعية برفض شمول هؤلاء الموظفين بقانون مكافأة نهاية الخدمة من الأساس طالما كان القانون واضحاً من البداية حسب تفسير الإدارة القانونية؟!
والحقيقة أن ما حصل كان مؤسفاً جدًّا، ويخرج عن تراث الكويتيين وعاداتهم المتأصلة في اتباع التفسير القانوني الأقرب لمصلحة المواطن، فمؤسسة التأمينات الاجتماعية طبقت في البداية صحيح القانون ولم تمنع أي موظف مستمر في عمله من الدخول في نظام مكافأة نهاية الخدمة، لأن العبرة من القانون كانت وما زالت تقديم مكافأة نهاية عن الخدمة التي قضاها الموظف بغض النظر عما إذا كان استحق مكافأة سابقة عن سنوات سابقة قضاها في جهة أخرى، فمكافأة نهاية الخدمة ليست صدقة أو هبة كي تعطى عن سنوات، وتمنع عن سنوات.
أين الإشكالية إذن؟
للأسف مؤسسة التأمينات الاجتماعية في تراجعها عن تطبيق قانون مكافأة نهاية الخدمة بالطريقة الصحيحة اعتمدت على أسلوب قديم وغير دقيق في تفسير النص التشريعي، وهو الذي يعتمد على ظاهر النص من دون فهم سياق التشريع ككل، وهو أسلوب تخلت عنه معظم المؤسسات والهيئات في العالم.
فكرة قانون مكافأة نهاية الخدمة كانت المساواة بين الموظفين المستمرين في كل الجهات الحكومية، بحيث تكون لدى كل جهة قانون يتيح لكل موظف الحصول على مكافأة نهاية الخدمة، ولهذا لم يشمل القانون جهات حكومية كانت لديها بالفعل قانون يتيح لموظفيها الحصول على مكافأة نهاية خدمة كالشركات النفطية، ولم يتم النص مطلقا في القانون على منع الجمع بين مكافأة نهاية خدمة سابقة وحالية، بل إن القانون نفسه سمح بالجمع بين المكافأة التي تقرها الجهات غير الحكومية مع هذه المكافأة.
حجة المؤسسة بمنع صرف مكافأة نهاية الخدمة لمن سبق الحصول عليها أن القانون لا ينطبق على من يعمل في جهة لديها قانون جعله يستحق مكافأة نهاية خدمة أو سيستحق مكافأة نهاية خدمة، والفكرة من هذه المادة التنظيمية كانت عدم شمول القانون للعاملين الحاليين في جهات تصرف أو ستصرف مكافآت أكبر من مكافأة نهاية الخدمة وفق القانون رقم 110 لسنة 2014 كالشركات النفطية المملوكة للحكومة، ولم يكن مقصوداً بالمطلق منع من صرف المكافأة نفسها في جهة لم يعد يعمل لديها من الحصول على مكافأة جديدة عن سنوات جديدة واستقطاعات جديدة.
المطلوب من وزير المالية الأخ عبدالوهاب الرشيد ومن الأخ المدير العام لمؤسسة التأمينات الاجتماعية الأخ مشعل العثمان عقد اجتماع موسع يشمل جهات متعددة، مثل الإدارة القانونية في المؤسسة، وإدارة الفتوى والتشريع، وديوان المحاسبة، والنواب السابقين الذين شرعوا القانون ومنهم الوزير والنائب السابق المحامي يعقوب الصانع، وكذلك المحامي الدكتور بدر العتيبي المتخصص أكاديمياً بقوانين التأمينات الاجتماعية، بحيث يتم بحث الموضوع بشكل مفصل، والتوصل إلى صيغة تتيح حصول المواطنين من المتقاعدين على حقهم القانوني والشرعي في صرف مكافأة نهاية الخدمة، مع تفهم موقف الإدارة القانونية في المؤسسة من التشدد في تفسير القانون كرغبة في حفظ الأموال العامة، لكنه تشدد ليس في محله؛ لأنه يحرم مواطنين بسطاء من حقوقهم في قضية قانونية تحتمل أكثر من تفسير.
وفي النهاية نتساءل: هل يجوز أن يلتحق مواطنان اثنان في العمل في جهة حكومية واحدة، ويدفع كل منهما الاستقطاع نفسه عن مكافأة نهاية الخدمة، ويعملان 25 سنة وأكثر ثم يتفاجأ أحدهما بأنه تم صرف مكافأة قدرها 15 ألف دينار لزميله في حين تم حرمانه؛ لأنه استحق مكافأة نهاية خدمة في عمله السابق قدرها 750 ديناراً أو ألف دينار؟!
الأمر يتطلب أن تنظر مؤسسة التأمينات الاجتماعية التي تحقق الأرباح بمئات ملايين الدنانير نتيجة حسن التخطيط بعين التقدير لهؤلاء المتقاعدين المحرومين من مكافأة نهاية الخدمة طالما أن هناك رأياً قانونياً يتيح لهم ذلك.
المصدر: القبس
تعليقات