د.فيصل الشريفي: الاصطفاف على المصالح أقوى من الاصطفاف على المبادئ
زاوية الكتابكتب د. فيصل الشريفي يناير 25, 2022, 11:12 م 338 مشاهدات 0
لم يعد بإمكان تجاوز الانقسامات بين صفوف المعارضة بعد أن وصلت إلى مرحلة الاتهامات المتبادلة بين رفقاء الأمس بحيث لم يعد بالإمكان جمعها مرة أخرى على الأقل في المنظور القريب، كما أن دعوة النائب السابق مسلم البراك كشفت هذا التسلل بين ما يسمى كتلة الواحد والثلاثين، وأن من سعى إلى وأد تلك الدعوة قد نجح، ونجح أيضا في تعميق الخلاف فيما بينهم.
السؤال الأهم عند غالبية أفراد الشعب لا يتعلق بالمواقف البرلمانية من الاستجوابات، ولا في شعار رحيل الرئيسين، لكن في قدرة الحكومة على إقناع الشارع في جدية نواياها الإصلاحية وقدرتها على تحقيق برنامج عملها الذي حمل شعار "استدامة الأمان الاجتماعي برغم التحديات".
* ملاحظة: العنوان السابق لبرنامج عمل الحكومة حمل عنوان "استدامة الرخاء برغم التحديات".
على العموم سيستمر الصراع داخل مجلس الأمة سواء بين النواب والحكومة أو بين النواب مع بعضهم، فالمعطيات لا تشير إلى إمكانية عقد الجلسات دون وجود مناوشات، وإن حل مجلس الأمة على الأبواب مرهون بإقرار مشروع تغيير الدوائر، وهناك من يزيد بأن كثرة الاستجوابات وتدني لغة الحوار ستسرع الحل، إلا أن المؤشرات الأولية تشير إلى غير ذلك، خصوصاً إذا ما تجاوز وزير الدفاع جلسة التصويت على طرح الثقة، وبعدها "سهود ومهود"، وإن ما يحدث في مجلس الأمة أمر عادي تجاوزته المجالس السابقة، كما أنه ليس بحالة فريدة يختص بها البرلمان الكويتي دون بقية مجالس النواب في العالم.
لننقل المشهد من قبة عبدالله السالم إلى مجلس العموم البريطاني وإلى مطالبة رئيس الوزراء بوريس جونسون بالاستقالة بسبب حضوره حفلة الشاي التي أقيمت في داونينغ ستريت، وكسره قواعد الإغلاق المفروضة بسبب كورونا في بريطانيا. لك أن تتخيل ما جرى لرئيس الوزراء رغم اعتذاره من زعيم حزب العمال السير كير ستارمر الذي لم يكتف بمطالبته الفورية بالاستقالة، بل وصفه بالكذب وسوقه للأعذار المثيرة للسخرية، وفي السياق ذاته قال رئيس حزب المحافظين السيد دوغلاس روس: "إن رئيس الوزراء وحكومته وضعت هذه القواعد ويجب أن يحاسب عليها"، أما الوزيرة ريتشيل ماكلين فذهبت إلى أبعد من ذلك "إن الأشخاص الذين يضعون القوانين هم أيضاً يخضعون لها وإن انتهاك أي قانون ستكون هناك عواقب".
هذا المشهد السياسي يفرض علينا التوقف عنده فالديموقراطية تعني المسؤولية، والمسؤولية تعني فرض القانون على الكبير والصغير، وفرض القانون يعني تطبيق العدالة، والعدالة تعني الأمان الاجتماعي.
الخلاصة: إذا كان الفاقد التعليمي يعادل خمس سنوات، فبكل تأكيد أن ما فقدته الديموقراطية أكبر من الدستور بسبب الممارسات الطائشة، فلا عجب من تراجع مؤشرات التنمية والتعليم والخدمات الصحية والإسكانية والمواصلات وتفشي الواسطة والمحاصصة والفساد والنفس العنصري والطائفي وتراجع الحريات وغياب العدالة الاجتماعية.
ودمتم سالمين.
تعليقات