كيف ننسى أول من ضحى بحياته من أجل تحرير بلادنا؟؟

محليات وبرلمان

4527 مشاهدات 0


 في نهاية شهر يناير 1991م وقريب من منفذ (رغوة ) الحدودي بين الكويت والمملكة العربية السعودية، كنا مجموعة من رجال الجيش الكويتي العاملين في فريق الحرب النفسية مع  الفرقة الثانية من مشاة البحرية الأميركية2ndmardiv))، وكانت معنوياتنا في أدنى مستوياتها ونحن على الحاجز الرملي بين البلدين ندخن بشراهة و نتقاذف نظرات اليأس ، فقد نجحت القوات العراقية في 29-30 يناير في احتلال مدينة الخفجي، وكانت تلك العملية الجسورة من العراقيين في حينها كالصفعة المدوية التي بعثرت أحلامنا في قدرة التفوق الجوي والحشد الغربي الغير مسبوق على استرداد وطننا الكويت. وفجأة أقبل علينا بعض رفاق السلاح من المارينز وهم يتدافعون بقسوة ويتبادلون شتائم العسكريين الماجنة،وكان أن حصلت منهم على أحداها ،لكن ردة فعلي السلبية، ومنظرنا وكأن على رؤؤسنا الطير لفت انتباههم،وفهموا سبب تكدرنا فالتفت نحوى أحدهم واسمه توم تاسكر قائلا هل تريد استرجاع وطنك؟ أعدك بذلك .

Wanna Go Home?

We well take you home .

كان ضابطا صغيرا لايملك من أمر تحرير الكويت شي إلا إيمانه بنبل وعدالة قضيتنا .وخلال شهر واحد صدق وعد هؤلاء الرجال وكذبت عملية احتلال الخفجي الطائشة، وقد أكرمني الله أن دخلت الكويت المحررة معهم جنب إلى جنب على همفي يقطر من جوانبه الزيت في يوم بارد .

كان ذلك قبل 18 عاما، ولم تقم الكويت بعد التحرير بإقامة قنوات تواصل مع المحاربين القدامى من رجال عاصفة الصحراء إلا على مستويات هزيلة من خلال مندوبي  السفارات الكويتية، أو موظفين مدنيين لم تعمد صداقتهم لرجال الحلفاء رائحة البارود وخطوط النار،  وقبل يومين سألت طلبتي إن كانوا يعرفون من وضع خطة غزو الكويت من القادة  العراقيين، ومن وضع خطة تحرير الكويت وقاد عملياتها من القوات العربية أو قوات الحلفاء، ثم سألتهم عن أسماء دول الضد، فحصلت على إجابة السؤال الثاني بدقة، ولم احصل على إجابة للسؤال الأول.

بعد ساعات من انطلاق الحملة الجوية لتحرير الكويت عام 1991م ظهر وزير الدفاع الأميركي ديك تشيني(Dick Cheney) على قناة سي إن إن ليعلن خبر سقوط أول الضحايا الأمريكان في حرب تحرير الكويت ضد القوات العراقية التي احتلتها، وكان ذلك البطل  هو النقيب بحري  مايكل سبيتشر(Michael “Scott” Speicher) الذي أسقطت وسائل الدفاع الجوي العراقية طائرته من نوع( FA-18 Hornet )في مكان منعزل من  صحراء الانبار العراقية، حيث اخذ جثته ثلاثة من البدو العراقيين ودفنوها لتدخل عالم النسيان في ذاكرتهم التي شوشتها احدث العراق العنيفة،ولينتقل اسمه لمدة 18 عاما بين صفة أسير ومفقود وقتيل حتى شهر يوليو 2009م حيث تذكر أحد أولئك البدو وكان طفلا في ذلك الوقت  مكان القبر فدل عليه القوات الأميركية التي أثبتت تجاربهم المخبرية انه عائد لأول رجل  سقط في معركة عاصفة الصحراء وهو يحاول أن ترجع الكويت حرة .

إن إصرارنا على وشم ذاكرة الكويت بأسماء دول الضد ومواقفها وجعل ذلك ذريعة للتشفي والوقوف منهم موقف سلبي في أزماتهم كما هو الحال في موقفنا من قضايا  عدم الاستقرار في اليمن والسودان وغزة هو قصر نظر استراتيجي، لكن الأنكى والأمرُ من ذلك هو حين  ننسى من كانت لهم أياد بيضاء على الكويت، ومن بذل في سبيل تحريرها اعز ما يملك،  مثل النقيب بحري  مايكل سبيتشر(Michael “Scott” Speicher) الذي ترك خلفه حين سقط طفلة عمرها ثلاث سنوات وطفل عمره عام واحد، سوف يتذكرون مآساة فقدان ابيهم كلما تردد اسم الكويت، و حين يتم دفن رفات والدهم هذا الأسبوع في جاكسونفيل فلوريدا  Jacksonville, Florida. ومما لاشك فيه ان من أولويات الكويت أن نبحث عن أسرانا وأن نبحث عن رفات شهدائنا ، لكن الاهتمام بقضية النقيب بحري  مايكل سبيتشر هي رسالة نوجهها لكل من يمد لنا يد العون ، وإذا كانت لنا القدرة على وضع قائمة بأسماء من أساء إلينا فدينا قلوب عامرة بالامتنان لكل من ساعدنا في استرجاع وطننا.

 

 

الآن - د.ظافر محمد العجمي – المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج

تعليقات

اكتب تعليقك