هل يتكرر الغزو ثانية؟
عربي و دوليبعد موت الجيش الخليجي الموحد وانتهاء درع الجزيرة
أغسطس 5, 2009, منتصف الليل 3421 مشاهدات 0
لو كان بيدنا في الكويت أن نبدل اسم شهر أغسطس لبدلناه، وفي محاولتنا لتجاوز أعراض الشعور بقابلية الغزو، المشابهة لأعراض قابلية الاستعمار لدى إخواننا المغاربة، كما قال بذلك المفكر الإسلامي مالك بن نبي، اختصر الكويتيون في أدبياتهم كل ما حل بهم إلى رقمين فقط 2/8، لكن الرقمين بقيا مثقلين بالمواجع، رغم قناعتنا بأن الجوار الجغرافي قدرٌ لا طاقة لأحد على تغييره. لقد عاد إخواننا في بغداد بدعم من الولايات المتحدة وهي حليفنا الاستراتيجي، لمحاولة فتح ملفات قد حسمت بقرارات أممية منذ 20 عاما تحت ذريعة الخروج من البند السابع، وهو ما يعني للكويتيين استفراد العراق بهم خارج المظلة الدولية، فتجدد الشعور بقابلية الغزو وبفقدان الثقة بالنظام الدولي.
وفي الوقت نفسه تهب على إيران رياح تهدد بإزالة عباءة الخمينية التي أظلت شوارع طهران لمدة 30 عاما. ولتنفيس الاحتقان عن حلفائها هناك هاجمت قوات جيش الحكومة العراقية معسكر أشرف التابع لمنظمة مجاهدي خلق بمباركة حليفهم القديم الولايات المتحدة الأميركية، مما يعني التقاء الشيطان الأكبر والدولة المارقة (Rogue state) معاً لرسم خريطة علاقات جديدة لن يكون ضحيتها إلا أهل الخليج العربي بعد تراجعهم كأولوية في أجندة حكومة باراك أوباما المتقلبة.
يقول صامويل هنتنغتون (Samuel P. Huntington) إن أكثر الأعداء قابلية وأعظمهم خطراً هم أولئك الذين يقعون عند خطوط الصدع (Fault Lines) بين حضارات العالم، وكما أن الخليج العربي يقع على الحدود الدامية بين الحضارة العربية، والفارسية، فإن الكويت تقع على أطراف المنظمة الإقليمية الخليجية، بين الاستقرار والعنف، والرفاه والأزمات الاقتصادية. إن كل هذه التحولات قد جعلت المواطن الكويتي والخليجي بصفة عامة وجهاً لوجه أمام شعور باللايقينية (Uncertainty) متسائلاً عن القصور في جهود قادته حيال العمل على إكمال نظام الأمن الجماعي الخليجي Collective security الذي بشر به المؤسسون الأوائل من زعماء مجلس التعاون لدول الخليج العربية عام 1980؟
ولا يغيب عن بال مراقب للعلاقات الدولية المعاصرة بروز وتطبيق ما يعرف بالقوة الصلبة Hard Power والقوة الناعمة Soft power لفرض الإرادة بين الدول بدل جبروت القوة العسكرية الغاشمة منفردة، ولا نقلل من جهود دول مجلس التعاون السياسية الدبلوماسية والاقتصادية مجتمعة ومنفردة للحفاظ على ثقل دول المجلس في المحافل الدولية. لكن المواطن الخليجي يتساءل: من قتل فكرة الجيش الخليجي الموحد المكون من 100 ألف رجل كعامل ثقة في نظام الأمن الجماعي الخليجي؟ هل غيبته قلة الإمكانات البشرية عندما طرحت الفكرة من قبل صاحب الجلالة السلطان قابوس بعد حرب تحرير الكويت1991؟ أم أنه تم النظر إلى ذلك الجيش الحلم على أنه محاولة خليجية صادقها للتخلص من الهيمنة الغربية والأميركية خاصة؟ أم لأن البيئة الأمنية في ذلك الوقت جعلت تشكيله، وكأنه موجه ضد جمهورية إيران الإسلامية العزيزة كما حدث من قبل عند قيام المجلس؟
لقد تغيرت البيئة الأمنية منذ ذلك التاريخ كثيرا، وفي مايو الماضي عقد في الدوحة بنجاح التمرين المشترك حسم العقبان EAGLE RESOLVE، حينها قال المشرف على التمرين إن عدد القوات المشاركة يتجاوز 1000 فرد من دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة الأميركية، وفي الخريف القادم سيعقد تمرين بحري خليجي مشترك في الكويت، وسيعقد غيره الكثير من التمارين المشتركة في دول خليجية أخرى، ولن يتجاوز عدد القوات المشاركة عدد من شارك في قطر. فأين البديل لفكرة جلالة السلطان قابوس منذ 1991؟
لقد قال المؤسسون لمجلس التعاون بالبناء الذاتي والاستخدام المشترك، فأين هو البناء العسكري الذاتي، حتى يتم الانتقال إلى ما سمعنا عنه من تطوير لقوة درع الجزيرة لتصبح مثل حلف شمال الأطلسي (NATO)، من حيث بقاء كل قوة في بلدها وجمع المخططين فقط في مكان واحد. وأين تحول درع الجزيرة إلى قوة ضاربة أو قوة واجب Task Force؟
لقد أثبت غزو الكويت أن قوة درع الجزيرة استنفدت أغراضها التي لم تكن إلا أغراضاً معنوية، وكانت شكلاً من أشكال التعاون خدم مرحلة معينة وقد انتهت يوم عدم تحركها في 2 أغسطس 1990 دون أن نستفيد من خبرة تلك القوة درسا واحدا لتطوير مفهوم الاستخدام الأمثل للقوات وكان من الأجدى البحث عن بديل لها منذ ذلك التاريخ.
ضمن سلسلة اجتماعاتهم الدورية لبحث شؤون التعاون العسكري بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية سوف يجتمع وزراء دفاع دول الخليج في واحد من اجتماعات ترحيل البنود المستمرة منذ سنوات طويلة، إلا بند مكافحة الإرهاب الذي فرضته ظروف خارجية، وصار من ضمن واجبات القوات المسلحة قسرا مهدِرا طاقتها على عمل من أعمال الشرطة المحلية. وهنا نقول إن الكويت وهي عند خطوط الصدع Fault Lines قد فقدت ثقتها بالنظام العربي في أغسطس 1990، وهي ليست محصنة من أن تفقده في النظام الدولي، فهل تفقد ثقتها بنظام الأمن الجماعي الخليجي؟ وكيف تعود الثقة ويزول الشعور بقابلية الغزو من الشمال أو الشرق أو الجنوب لدى المواطن الخليجي تحت نظام أمن يفتقر إلى القدرة على حشد 100 ألف مقاتل خلال 20 عاماً، أو إيجاد البديل له غير الاحتماء بمظلات أمنية أجنبية زائلة؟
تعليقات