أحمد يعقوب باقر: هل أعاد التلفزيون الخطأ نفسه بعد 36 سنة؟

زاوية الكتاب

كتب أحمد يعقوب باقر 700 مشاهدات 0


على الدولة ممثلة بتلفزيونها أن تكون محايدة وتقف على مسافات متساوية بينها وبين جميع النواب والكتل، أو أن تدعو إلى مناظرة بين د. عبيد ومخالفيه، خصوصاً أن وسائل التواصل تعج بالآراء المخالفة في تقييم مواقف د. عبيد الأخيرة.

الحكومة كانت مستاءة من أداء الإسلاميين في مجلس 1981 لعدة أسباب، منها معارضتهم الشديدة لتنقيح الدستور، واعتراضهم على مهرجان الخليج السنيمائي والحفل الذي رقصت فيه فنانة معروفة على الطاولات في السفارة العراقية، ومطالبتهم بمنع الخمور عن السفارات، وأكثر ما أثار زعل الحكومة هو جمع الإسلاميين توقيعات 47 نائباً لتعديل المادة الثانية من الدستور.

لهذه الأسباب لوحظ تأييد وتعاطف الحكومة مع مرشحي التيار الوطني والليبرالي في انتخابات مجلس 1985، ومن أبرز مظاهر هذا التأييد والتعاطف هو إجراء مقابلة تلفزيونية مع الدكتور أحمد الخطيب أجراها الصديق عبدالرحمن النجار قبل موعد الانتخابات بأيام قليلة، حيث هاجم الدكتور الخطيب تعديل المادة الثانية والمطالبين بها، وكان هذا التصرف مستغرباً لأن تلفزيون الكويت كان يلتزم الحياد بين المرشحين خصوصاً أن البلاد على أبواب انتخابات عامة، وعندما عبر أكثر من مرشح عن استيائه لهذا الانحياز قام التلفزيون بإعادة المقابلة مرة أخرى بعد أيام مع اقتراب موعد الانتخابات.

ونجح بعض الإخوة من هذا التيار في تلك الانتخابات، ولكن لم يضعف الإسلاميون، فنجحت أنا وبعض الإخوة عوضاً عن الإخوة الذين لم يحالفهم النجاح.

وفي أول كلمة لي في مجلس 1985 بعد القسم هاجمت انحياز التلفزيون ومساندته لأحد أطراف المنافسة في لقاء كُرر أكثر من مرة، في حين لم يتم منح الفرصة لأي مرشح آخر ليعبر عن وجهة النظر الأخرى ولو في لقاء واحد.

وتبين بعد ذلك أن خطة التلفزيون نجحت بشكل مؤقت، إذ سرعان ما تحالف الوطنيون والليبراليون مع الإسلاميبن والمستقلين في استجواب وطرح الثقة بوزير العدل، ثم تحالفوا مع أعضاء آخرين لتقديم أربعة استجوابات لأربعة وزراء، وتحقق المثل الكويتي القديم "خبز خبزته يا الرفلة كليه".

وبهذا تعلّم التلفزيون درساً جيداً من هذا الخطأ فتوقف عن الانحياز طيلة السنوات الست والثلاثين الماضية، إلا أنه أعاد اليوم الخطأ نفسه، فعرض كلمة النائب د. عبيد في خطاب شبه رسمي دعائي دون أي نائب آخر من أي كتلة أخرى، سواء كانت مؤيدة أو معارضة لطرح الأخ عبيد، ولم يبرر التلفزيون هذا الانحياز، وربما كان سببه التغيير في الخطاب السياسي للدكتور عبيد أو كان رداً على التوجه المتشدد للمعارضة في دور الانعقاد الأول، والله أعلم.

ولكن الحقيقة أن التلفزيون لم يكن له أي مبرر لانحيازه هذا نظراً لكثرة القنوات التلفزيونية الفضائية بالإضافة إلى قناة مجلس الأمة التي كانت سترحب بلقاء أو كلمة أو تصريح للدكتور ومخالفيه أيضاً.

لذلك كان على الدولة ممثلة بتلفزيونها أن تكون محايدة وتقف على مسافات متساوية بينها وبين جميع النواب والكتل، أو أن تدعو إلى مناظرة بين د. عبيد ومخالفيه، خصوصاً أن وسائل التواصل تعج بالآراء المخالفة في تقييم مواقف د. عبيد الأخيرة، وهي خلافات مشروعة، وبعض هذه الخلافات تتسم بالحدة الشديدة نظراً لطبيعة الحوار الحاد بين بعض المختلفين في بلادنا العزيزة بمن فيهم د. عبيد نفسه.

والخلاصة أن القادم من الأحداث قد يشهد خلافات ومعارضة شديدة حتى ممن يحصل التقارب معهم اليوم، كما حدث في مجلس 1985.

تعليقات

اكتب تعليقك