عادل يوسف المرزوق: الإستراتيجية الشبابية

زاوية الكتاب

كتب عادل يوسف المرزوق 505 مشاهدات 0


اسمح لي عزيزي القارئ أن أشير إلى أن الباعث الذي دعاني إلى كتابة هذا المقال، استراتيجية هيئة الشباب 2022 - 2028 للإسهام في تطوير الحركة الرياضة الكويتية وهي خطة تطوير الرياضة التي طرحها مؤخرا وزير الإعلام ووزير الدولة لشؤون الشباب، هذا الكلام الجميل والمنمق من الوزير جعلني أُحلِّق في الخيال متنقلا بين الملاعب الستة التي اقترحها ومتخيلا الجماهير الغفيرة التي ملأت مدرجات هذه الملاعب المغطاة والمكيفة والتي تصلح للعب فيها طوال السنة.

ولكن عندما عدت إلى الواقع رأيت أن أذكر بأن ناديي العربي والقادسية تصميمات إعادة بناء ملاعبهما جاهزة للتنفيذ كما انه لا توجد ميزانية تغطي كلفة تصميم الملعب الجديد في نادي الكويت، زد على هذا ان نصف ملاعب الأندية اللعب متوقف فيها بسبب صيانة أرضيتها وزراعة البذرة الشتوية.

وأحب أن أذكر أيضا بأن ستاد الجامعة في الشويخ والذي كان في الماضي ملعب (ثانوية الشويخ الرئيسي والملاعب الخلفية له) لم يقربه أحد ويمكن إعادة صيانته واستخدامه، كما كان يوجد في الماضي حمام سباحة أولمبي تم طمره بالتراب ومخلفات البنيان ومسح حمام السباحة هذا عن وجه الأرض. كل هذا حصل وعندنا هيئات رياضية أكثر من أي دولة أخرى في العالم فعندنا ما يلي:

هيئة عامة للرياضة، وهيئة عامة للشباب، ووزارة دولة لرعاية الشباب،.. ثلاث هيئات رياضية ونحن الدولة الوحيدة في العالم كله التي لديها مثل هذه الهيئات الرياضية ومع هذا فإن رياضتنا تتدهور يوما بعد يوم وتسير من سيئ إلى أسوأ ولا يعلم بحالها إلا الله.

لا أعرف الوزير شخصيا ولم أقابله ولم أره إلا في التلفزيون أو في وسائل التواصل الاجتماعي إلا انني أثق بأنه وزير شاب طموح يريد الرقي والتقدم ليس للرياضة والشباب فحسب بل للكويت كلها مثله مثل أي شاب كويتي وطني غيور على وطنه، وبكل تأكيد فإنني لا أشك مطلقا في إخلاصه ورغبته الأكيدة في تطوير الرياضة بعد الانتكاسات التي أصابت الحركة الرياضية في السنوات الماضية من الإيقاف الدولي إلى توقف الرياضة بسبب جائحة كورونا والتي يعرفها الوزير أكثر منا بلا أدنى شك، وأنا أشبه وضع الوزير اليوم بتشبيه بحري كويتي قديم عشته وعرفته «وهو كأنه راكب ماشوة في البحر يجدف فيها يريد أن يوصلها إلى البر ومعه بعض البحارة في هذه الماشوة (يهلسون له) أي يجدفون بعكس تجديف الوزير». والماشوة التي قد لا يعرفها بعض شباب اليوم.. هي الزورق أو القارب الصغير الذي يستخدمه عادة النوخذة في تنقلاته بين البوم والبر أو بين سفينة وأخرى ويكون في الماشوة عادة مجدافان أو أربعة مجاديف تجرها بحارة البوم.

ومن خلال التجربة المريرة التي خاضها الشباب الرياضي منذ فترة طويلة جدا في محاولة تطوير الرياضة فإنني أقولها وحسبما عرفت ان جميع محاولات التطوير الرياضي قد تحطمت أمام أبواب كبار المسؤولين، حيث واجه كل من حاول تطوير الحركة الرياضية في الكويت جملة صغيرة يرددها أغلب كبار المسؤولين «بكم قيمة المشروع» ثم تسمع كلمة من المسؤول الكبير وهو يقول: «الله كل هذا المبلغ علشان طمباخية يلعبونها الصبيان» ولاتزال هذه الجملة معششة في فكر أغلب المسؤولين ويرددونها إلى يومنا هذا.

وليسمح لنا الوزير بان نقول له: أولا زهب كيسة الفلوس أو زهب البوك بعدين تكلم عن الاستراتيجية (22-28) ودون كيسة فلوس أو بوك أو يكون البوك اللي بيعطونك إياه صغير لتنفيذ هذه الاستراتيجية يصير كلام تيش بريش ما تقبض منه شيء».

فخطة استراتيجية تطوير الرياضة التي طرحت في سنة 2016 لم نر منها حتى عود كبريت يولع ظلام الرياضة الدامس، وأبسط مثال جاء في تلك الاستراتيجية التفرغ الرياضي الذي لم ينفذ إلا بصورة جزئية جدا وهذه الخطة لاتزال حبيسة الأدراج عند الحكومة. حتى قانون التفرغ ترفضه العديد من الوزارات والهيئات الحكومة مع العلم انه قد صدر بقانون ووقع عليه صاحب السمو الأمير والذي يستلزم تنفيذه بالقوة الجبرية مادام وقع عليه صاحب السمو.

ولذلك وحسب ما رأيناه من استراتيجيات سابقة فإن استراتيجية هيئة الشباب 2022 - 2028 للإسهام في تطوير الحركة الرياضة الكويتية سوف تكون مثل مطبعة النوط بو ألف دينار التي ذكرت في «مسرحية حامي الديار»، والتي اشترتها الحكومة والتي سوف تطبع (النوط بو ألف دينار) والمطبعة في الباخرة التي هي موجودة في الميناء ولم تنزل المطبعة من الباخرة بعد، أو يمكن يكون تطبيق هذه الاستراتيجية كمثل من يحاول أن يمسك الهواء بشبك.

فالاستراتيجية التي طرحت فيها بناء 6 ملاعب رياضية على هيئة ستاد رياضي إذا ابتدئ من اليوم في بناء هذه الملاعب فإن كلفة الملعب الواحد سوف تكون بين 180-220 مليون دينار وإذا أخذنا متوسط السعر وهو 200 مليون دينار فإن إجمالي الملاعب لن يقل عن 1200 مليون دينار، زد على ذلك كلفة المبالغ التي سوف تدفع للاعبين المحترفين والأجهزة الإدارية والفنية والطبية وتجهيز المحترفين وغيرها من سلسلة طويلة تجهز هؤلاء المحترفين وكذلك الرحلات والمعسكرات الداخلية والخارجية للمنتخبات.. وهل هذه المواد التي سوف تصرف على هؤلاء المحترفين سوف تكون ببلاش ودون دفع مبالغ مالية مكلفة التي من المتوقع ان تكون بالملايين لتغطية كلفة هذه المصاريف؟.

والسؤال الذي يتبادر إلى الأذهان، هل تعتقد عزيزي القارئ أن الدولة سوف تدفع هذا المبلغ الضخم علشان «طمباخية صبيان»؟

يا جماعة الخير عليكم بالصبر إلى أن تطلع مطبعة النوط بو ألف دينار من الميناء ثم نفذوا هذه المشاريع.

موضوع الاستراتيجية الرياضية 22-28 أعاد لي شريط ذكريات الماضي في أيام الشباب والذي يقول عنه الشاعر العباسي أبوالعتاهية: ألا ليت الشباب يعود يوما.. فأخبره بما فعل المشيب.

تعليقات

اكتب تعليقك