حسن العيسى: خفض الدعوم.. وعدالة صرفها!!
زاوية الكتابكتب حسن العيسى نوفمبر 1, 2021, 9:15 م 365 مشاهدات 0
نشرت "القبس" تقريراً عن دراسة حكومية تستهدف تقليص الدعوم 55 في المئة في 4 سنوات، وقالت الوثيقة الحكومية "إن مجلس الوزراء يعمل على تطوير وإعداد نموذج وطني للدعوم، لضمان نزاهة وعدالة صرفها لمستحقيها، وصولاً إلى إلغاء بعضها....".
ليتنا نضع خطاً تحت كلمتَي "عدالة صرفها"، فقضية العدالة هي المسألة الكبرى في دولة طالما كانت ومازالت بعيدة عن فكرة العدالة في توفير الفرص، وجنحت السلطة لمجموعات مقرّبة منها على حساب الآخرين.
وثيقة الحكومة بتقليص الدعوم إذا كانت السلطة بالفعل عازمة على تفعيلها – وهذا محل شك في دولة نشأت تنميتها واستمر أمنها على دخل الريع بشراء الولاءات – تنفي ما كان يتم ترويجه من عدة مسؤولين بتعهّد عدم المساس بجيب المواطن، والأمر الآخر أن الوثيقة خلطت وخبصت في عدة أمور، فلا يُعقل أن نضع مسطرة واحدة لرفع أو تخفيض الدعوم.
فتخفيض الدعم عن التعليم جاء بكلمة عامة عن المساواة العمياء في الخفض للبعثات الداخلية والخارجية، فهل سيتم تخفيض الدعم لمخصصات الطلبة، على سبيل المثال، على طالب طب يدرس في كمبردج أو ستانفورد مثل طالب يدرس إدارة أعمال في دكان من دكاكين الكثير من الجامعات الخاصة الداخلية، وهي التي كانت فكرتها أساساً تخفيض الضغط عن جامعة الدولة المنكوبة، فأصبحت تلك البقالات بدورها وسيلة تربّح تجاري رخيص من الدولة بتعليم لا يقل سوءاً ورداءة عن جامعة الكويت.
أيضاً يمكن أن نسأل ما إذا ستكون مسطرة المساواة في خفض دعم الطاقة مثل الكهرباء والماء والغاز المسال واحدة لأفراد ومؤسسات حصلوا على أراض من الدولة بثمن بخس، مثلهم مثل موظف يسكن في شقة متواضعة براتب في حدود 1400 دك! هل ستراعي السلطة فوارق الدخول في أعمال خفض الدعم، أم ستبقى حليمة على عادتها القديمة؟
كذلك لم يأتِ أي ذكر لمسألة العلاج بالخارج وتخفيض الدعم عن العلاج السياحي، وهو أداة السلطة السهلة لترضية أصحاب نفوذ ونواب مقربين لها.
أخيراً، فإن تخفيض الدعوم لا يمكن أن يكون عادلاً، ما لم يصاحبه نظام متكامل وعادل للضريبة التصاعدية، فالقاعدة هي الغُنم بالغرم، والذين غنموا الكثير من أموال الريع عليهم غرم مقابل ما غنموه لسنوات طويلة.
كلمة أخيرة: تخفيض الدعوم لن يحلّ معضلة دولة أحادية الدخل بسلطة أيضاً أحادية القرار السياسي، ولكن كما يقال "العوض ولا القطيعة".
ملاحظة تصويب: ذكرت في مقال الأحد اسم أنسي الحاج كأحد سجناء الرأي في العالم العربي، والصحيح هو الباحث ياسين الحاج صالح، الذي كان طالب طب في جامعة دمشق وأُسر لسنوات طويلة وأفرج عنه، هذا ما أتذكره من كتاب سيرته الذاتية.
تعليقات