أحمد يعقوب باقر: «ما هو المطلوب من دور الانعقاد القادم بصراحة؟»
زاوية الكتابكتب أحمد يعقوب باقر أكتوبر 24, 2021, 9:57 م 460 مشاهدات 0
دُعيت قبل يومين إلى ندوة تحمل عنوان: "ما هو المطلوب من دور الانعقاد القادم" وذلك في ديوان المحيلبي الكرام، وأعتقد أن كل الكويتيين يسألون الله أن يكون دور الانعقاد القادم منتجاً ومختلفاً عن دور الانعقاد الماضي، ولكن الأماني لا تتحقق بالدعاء فقط، إذ لا بد من بذل الأسباب، وأولها العمل الصحيح من خلال الفهم السليم للدستور وقانون اللائحة وعدم الخروج عليهما في الاستجوابات والمناقشة والكلام في المجلس؛ مما قد يؤدي إلى أزمات متتالية، ويكفي ما تم من انتهاكات للدستور في دور الانعقاد الأول التي واجهتها الحكومة بانتهاكات مقابلة، فضاعت الجلسات ولم يتحقق لأي منهما أي إنجاز.
الدستور واضح وقد أسند لكل سلطة صلاحيات ومهام معينة يجب احترامها، كما يجب احترام رأي الأغلبية وكيفية حسابها وفقاً لما نص عليه الدستور وعدم الانقلاب عليها بإجراءات غير دستورية.
كما أن من المعلوم أن مواد الدستور متساوية في القوة، فلا تعلو أي مادة على الأخرى، فالمادة الثانية التي جعلت الشريعة الإسلامية مصدراً رئيساً للتشريع، ووجهت المشرع وجهة إسلامية أساسية، وحملت المشرع أمانة الأخذ بهذا المصدر ما وسعه ذلك، لا تقل من حيث القوة عن المادة السادسة التي نصت على أن "نظام الحكم ديموقراطي السيادة فيه للأمة"، لأن المادة السادسة نصت في نهايتها على أن تكون ممارسة السيادة على الوجه المبين في هذا الدستور، أي أن الحكومة وجميع الأعضاء مقيدون بما ورد في الدستور من مواد وأحكام لهم وللسلطات الأخرى، وليس صحيحاً أن الأعضاء وحدهم هم الذين يمثلون سيادة الأمة (الطعن الدستوري 26 لسنة 2012)، لذلك فالعجب كل العجب ممن ينطلق من نصف المادة السادسة ليفعل ما يشاء ويتجاهل باقي المادة نفسها كما يتجاهل المادة الثانية وباقي مواد الدستور.
وبالإضافة إلى الفهم والعمل الأمين بالدستور يجب الانصراف إلى تحقيق أولويات المواطنين التي يأتي في أعلى سلمها مكافحة الفساد الذي طغى وفشا وأهلك كثيراً من الأموال، وقضى على كثير من الثقة بمؤسسات الدولة، ومن المفيد الإشارة هنا إلى المبادرة التي قدمتها بعض القوى السياسية (السلفي والمنبر والدستورية) إلى أعضاء مجلس الأمة، والتي حملت عدداً من اقتراحات القوانين التي ستكفل، إن شاء الله، القضاء على أكثر حالات الفساد المالي والإداري والواسطات والمحسوبيات، والتي من بينها قانون القيم البرلمانية، وقانون تعارض المصالح، وتعديل قانون المناقصات، وقانون لوضع قواعد عامة للتعيين والترقية والمناصب القيادية، وقانون تنظيم المقابلات الشخصية، وقانون حماية أملاك وأموال الدولة من أخطاء الموظفين، بالإضافة إلى اتخاذ موقف حازم تجاه الجناسي المزورة والشهادات المضروبة وغيرها من القوانين المهمة التي طال انتظارها.
ومن الأولويات في دور الانعقاد القادم أيضاً قضية إصلاح المالية العامة والاستدامة الاقتصادية التي أوصت بها جميع الدراسات والتقارير الاقتصادية السابقة التي كشفت الأزمة المزدوجة "كورونا وانخفاض سعر النفط" عن خطورتها وأهميتها العاجلة، لذلك فلابد للأعضاء من تنويع مصادر الدخل والبحث عن موارد أخرى للميزانية غير النفط وغير جيب المواطن البسيط، بالإضافة الى التعامل مع أزمة السيولة وتصاعد المصروفات العامة، والعمل على تحرير الأراضي وخلق فرص العمل والتوظيف لمئات الآلاف من الشباب الداخلين إلى سوق العمل، وتطوير قانون الزكاة كبديل للضرائب، وربط مخرجات التعليم مع حاجات سوق العمل، وإقرار قانون البديل الاستراتيجي، بالإضافة إلى الاستثمار الأفضل للنفط، وترشيد الإنفاق ووقف الهدر، وقد قدمت تلك الدراسات عدة اقتراحات مفيدة في هذا الشأن، ولكن لم تأخذ بها الحكومة ولم يعرها المجلس أي اهتمام للأسف مما يهدد مستقبل أبناء هذه الأمة.
كما يقلق كثير من المواطنين، وأنا منهم، من الدعوات الخطيرة لما يسمى المزيد من الحريات لما تنطوي عليه تلك الدعوات من نشر للإشاعات والشتائم وفتح باب الطعن في نظام الحكم أو الثوابت الدينية أو خدش الآداب العامة أو التعدي على خصوصيات الناس وكراماتهم، علماً أننا في الكويت وبحمد الله نتمتع بقدر كبير من حرية التعبير، لا يكاد يوجد مثلها في أي بلد عربي، بل إن المطلوب الآن هو حماية أعراض الناس والآداب العامة، والحد من الإشاعات والأكاذيب والمواقع الوهمية التي باتت تهدد الأسر المحترمة والسلم الاجتماعي، وأن تعمل وزارات الدولة على مكافحتها بنشر الحقائق وكشف الشبهات والاستعانة بالمتخصصين في كل مجال ليدحضوا الأخطاء التي قد تؤثر على توجهات العامة، أما إذا تم اكتشاف أخطاء في عمل أي جهة حكومية فيجب إصلاحها فوراً وعدم الدفاع أو تبرير الخطأ.
هذه بعض القضايا المهمة التي أرجو ألا يختلف أي مخلص على أولويتها والتي أرجو أن يضعها الأعضاء والحكومة في الصيغ التنفيذية المناسبة لكي لا يضيع دور انعقاد ثانٍ، والله الموفق.
تعليقات