د. عبدالله الشايجي يسأل بعد 19 عاماً على الغزو .. ماذا عن المستقبل؟
زاوية الكتابكتب أغسطس 2, 2009, منتصف الليل 508 مشاهدات 0
19 عاماً على الغزو .. ماذا عن المستقبل؟
د. عبدالله الشايجي
نحن اليوم في الثاني من أغسطس، الذكرى 19 لخطيئة الاحتلال العراقي للكويت.. الذكرى السوداء ليوم الغدر والاحتلال الصدامي لبلدنا. كما خطّيت في هذه الزاوية في 14 يونيو الماضي «الكويت.. العراق: جرح لا يندمل وهواجس لا تموت». هناك في تاريخ الشعوب والأمم مناسبات وذكريات وتواريخ تستحضر الكثير من العبر، وتحيي الكثير من المشاعر، وتنكأ أحياناً جراحات ترفض أن تندمل، وفي أحيان أخرى تستحضر ذكريات من الإثارة والفخر والعزة. وهناك دائماً سعي للاستفادة، دولة ومجتمعاً من تلك الذكريات والمناسبات، والتعلم من الأخطاء لعدم تكرارها.
وفي تاريخنا الكويتي المعاصر ستبقى ذكرى الغزو، والاحتلال العراقي في الثاني من أغسطس 1990 تستحضر في كل عام ذكرى أليمة تتكرر عاماً بعد عام لتشكل مرحلة مفصلية في تاريخنا وواقعنا.
يجتمع بعد يومين سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الصباح مع الرئيس أوباما في البيت الأبيض لمناقشة قضايا ثنائية، وطبعاً أحد أبرز الملفات سيكون الشأن العراقي بتفرعاته المتعلقة بالموقف الأميركي، من رفع العراق من الفصل السابع، وقضايا التعويضات، والقضايا العالقة بين الكويت والعراق، وخطط التسليح الأميركية لتحويل العراق إلى دولة قوية، وما هي هواجس الكويت تجاه تلك المواقف.
ما يشدد عليه المسؤولون الكويتيون، على الدوام، هو الالتزام بأمن واستقرار وسيادة العراق، لأن عراقا آمنا ومستقرا يحفظ أمن الكويت والمنطقة. آخر تلك التصريحات كانت من نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ محمد الصباح.. وكان لافتاً تصريحه بوجود تعديات عراقية على الحدود الكويتية، وشدد على أهمية استجابة العراق للاستحقاقات التي عليه الإيفاء بها، وأكد «أن الكويت تأمل بأن يقوم الإخوة في العراق بتنفيذ مجموعة من القضايا على رأسها ملف ترسيم الحدود، لأنه لاتزال هناك تعديات عراقية على الحدود».
ولكن المهم كان تأكيده أن الكويت «حريصة على دعم الاستقرار السياسي والأمني في العراق، وأن يكون العراق داعماً للأمن في المنطقة». وهناك طبعاً لائحة من الاستحقاقات العراقية للكويت. وكشف تقرير من 19 صفحة صدر مؤخراً عن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، يضع تصوراً متشائماً لواقع العلاقات الكويتية العراقية. وورد في التقرير أنه «بعد عقدين من الغزو (العراقي) لم يتم تطبيع العلاقة بشكل كامل بين البلدين، على الرغم من تقدم أحرزه البلدان لحل بعض القضايا العالقة. المطلوب درجة كبيرة من الإرادة السياسية بين البلدين لتحقيق «التطبيع الكامل». والقضية الشائكة تبقى استحقاقات التعويضات التي تقدمت الكويت رسمياً بوثائق مستحقة على العراق، بسبب ما ألحقه من دمار وخسائر خلال مرحلة الاحتلال، والمتبقي منها 24 مليار دولار. وهناك 16 مليار دولار ديون متراكمة على العراق للكويت منذ الحرب العراقية الإيرانية.
وتبقى أهم معضلة في العلاقات بين البلدين اللذين خرجا من حالة حرب وعداء هي غياب التطبيع الفعلي للعلاقات، فبناء الثقة لا يزال مفقوداً، لا بل تردى أكثر خلال السنتين الماضيتين مع رفض مجلس الأمة كلياً إسقاط الديون المستحقة على العراق. أما التعويضات فهناك قرارات من مجلس الأمن تنظمها. وقد طالب نواب كويتيون بإعادة السفير الكويتي من بغداد، بسبب التهجم العراقي على الكويت.
يبدو أن الطرف العراقي لايزال عالقاً في الماضي ويتمسك بموقف أن «العراق غير مستعد لأن يدفع ثمن أخطاء الماضي مرتين». جديد العلاقة الكويتية العراقية، هو العودة للهجة التصعيد والتشكيك، بسبب فشلنا خلال السنوات التسع عشرة الماضية في إرساء ثقافة بناء الثقة والتسامح والتعايش بين الطرفين. في العلاقات الدولية هذا العبء يكون عادة على الدولة المعتدية، والأكبر والتي لديها القدرة على أن تهدد الطرف الآخر. وفي حالتنا العبء هو على العراق الذي غزا واحتل وشطب الكويت كياناً ووجوداً لمدة سبعة أشهر. جديد العلاقة، على الرغم من تقدمها على المستوى الرسمي حكومة لحكومة بين الطرفين، وإرسال سفير كويتي قبل أكثر من عام، وتوجيه تهديدات ضده أكثر من مرة، إلا أن العراق لم يُرسل سفيراً إلى الكويت حتى اليوم. والعراق لايزال يُطلق بين الحين والآخر على لسان نواب من مختلف الكُتل ومن أجهزة إعلامه وكتّابه ما يخوّن الكويت ويتهمها بالتهجم والحقد.
أما أكثر تصريحات النواب العراقيين استفزازاً للكويت، فكان تصريح النائب عن القائمة العراقية عزت الشابندر، الذي وصف دعوة وزير الخارجية د.محمد الصباح لبقاء العراق تحت الفصل السابع بأنها «بمثابة إعلان حرب على الشعب العراقي».. مثل تهديدات بعض النواب بمقاضاة الكويت لتسهيلها غزو واحتلال القوات الأميركية للعراق، ولما ألحقته من خسائر ودمار وتشريد بحق العراقيين، وانقسامات وفرز مذهبي وطائفي وعرقي حتى.
أما أغرب اتهام عراقي للكويت، وهو جديد العقلية العراقية الغارقة في الانتقام والتصيّد، فقد جاء من النائب المستقل وائل عبداللطيف الذي هدد الكويت إذا ما استمرت في مطالبتها بحقها في التعويضات، قائلا «إن البرلمان العراقي ربما يفكر ويطالب برفع دعوة قضائية ضد الكويت في المحافل الدولية بتهمة مساعدة الكويت لنظام صدام حسين (في فترة الحرب العراقية الإيرانية) التي نتج عنها أذى كبير للشعب العراقي جراء تلك المساعدة.. نمتلك القدرة للعراك بالأيدي والألسنة. ونمتلك القدرة بالمعنويات والإرادة القوية والقدرة على كل شيء، للمطالبة بحقوقنا حتى من الكويت نفسها». ولا تزال هناك قضايا الحدود وترسيم الحدود البحرية وصيانة علامات الحدود والأرشيف المسروق وما تبقى من أسرى، حيث تم التعرف إلى بقايا 236 كويتياً وما زال 369 أسيراً كويتياً مجهولي المصير. هكذا مواقف ومناخ غير صحي بين الطرفين لن تؤسس لمرحلة يمكن معها طي صفحة الماضي، وبالتالي سيبقى الجرح مفتوحاً ولن يندمل.. و هذا سيُبقي هواجسنا حيّة، ولم تمت بعد. وللحديث صلة..
تعليقات