خالد الطراح: الكويت قبل فوات الأوان!

زاوية الكتاب

كتب خالد الطراح 355 مشاهدات 0


جملة من المشكلات السياسية المتراكمة في الكويت منذ زمن، التي بدت في طور النشوء والتكوين في فترات ماضية، لكنها باتت اليوم أكثر تعقيداً وتأزيماً مما مضى بسبب التردد الرسمي في التوصل إلى تفاهمات حول طبيعة هذه المشكلات ومصادرها. 

نحن أمام واقع سياسي معقد للغاية وأكثر تعقيداً في العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية منذ الانتخابات الأخيرة في 5 ديسمبر 2020 ونتائجها التي لم يقرأها رئيس الحكومة الشيخ صباح الخالد بعين فاحصة للوصول إلى موقف محايد.

قد تكون الخشية الحكومية من التوغل في أغوار المشكلات السياسية من أهم التحديات، فالتردد سمة مشتركة لحكومات متعاقبة نتيجة هيمنة برلمانية مستفحلة على القرار الرسمي وتداخل بالاختصاص بين مجلس الأمة والحكومة، نتيجة تنازل الأخيرة للمتنفذ من الطرف الأول! 

لم يعد التنبيه للتحديات السياسية ومصادرها أمراً مقبولاً في هذه المرحلة الدقيقة، حيث تبدو محاولة التنبيه كاسترجاع لعروق فقدت نبضها، وهو ما يستوجب المصارحة بمصادر المشكلات، سواء الملموس والظاهر منها، أو التي تتوارى لزمن وتعود بثوب موشح بالسواد الأعظم!

لا أتصور أن الحلول ستأتي عبر نافذة «الحوار الوطني»، فأسس الحوار تستوجب المشاركة الواسعة من كل أطياف المجتمع ومؤسساته المدنية وبمشاركة جميع نواب الأمة وليس البعض منهم وباختيارات انتقائية بحجج غير مقنعة.

لن تأتي الحلول الناجعة للمشكلات الآخذة بالتورم الشديد عبر نافذة حوار ضيقة لا جدوى منها، خصوصاً حين تكون آليات التمهيد والتنفيذ هي من صناعة مصادر وأطراف المشكلات السياسية والأزمات ذاتها في الحكومة ومجلس الأمة. 

شابت التحفظات المشروعة عملية الإعداد للحوار الوطني ربما لأنها جرت في كواليس حكومية ونيابية مظلمة لا تخدم الأهداف السامية المرجوة، خصوصاً حين تكون أطراف الأزمة مهيمنة على الحوار في مهده، ومؤثرة في نتائجه واتفاقاته.

قالها الأخ الفاضل والنائب السابق الدكتور فيصل المسلم من منفاه بحكمة السياسي وحس المواطن المحب لوطنه وشعب الكويت: «أرفض أن يكون زوال ألمي ثمنه إيذاء الكويت وأهلها».

إن رسالة د.فيصل المسلم واضحة المغزى ولا تحتمل التجاوز، فهي الحقيقة التي تكابده شخصياً ولا نملك إلا مشاطرته الألم والخشية ذاتهما من ذلك الثمن، ولن تستقيم الأمور ما لم تكن هناك ضمانات للحقوق والأدوات الدستورية وكرامة الشعب.

نطق الشعب الكويتي برسالته في الانتخابات الأخيرة التي وصل صداها إلى أكثر الآذان صمماً والعقول المتحجرة، ولكن ظلت الأطراف السياسية ذاتها الأنانية والمهادنة على ما هي عليه من دون أن تدرك حجم الشجن السياسي الكويتي.

ينوء الضمير الوطني ألماً من ضجيج المكابرة الحكومية بعدم استيعاب نتائج الانتخابات والتغيير النيابي الذي تلا ذلك، ومن تشرد مفهوم المصلحة الوطنية، بينما تنعم أطراف الأزمة الحقيقية في مجلس الأمة والحكومة بترف البقاء.

إن الحلول في احترام السلطتين التنفيذية والتشريعية للإرادة الشعبية.. إرادة التغيير ودستور الدولة ووأد المغامرات السياسية حتى لا تدخل الكويت في دوامة جديدة قبل فوات الأوان، حكومياً وبرلمانياً.

تعليقات

اكتب تعليقك