مبارك فهد الدويلة: إهمال المقاول الكويتي

زاوية الكتاب

كتب مبارك فهد الدويلة 417 مشاهدات 0


في الوقت الذي يمر فيه البلد بركود اقتصادي شديد، وتعاني معظم القطاعات الاقتصادية من الشلل، ويتم ترشيد النفقات بإلغاء العديد من المشاريع الإنشائية والحيوية، في هذا الوقت يعلن مجلس الوزراء عن الاستعانة بالشركات والمؤسسات الأجنبية لتنفيذ المشاريع الحكومية! تاركاً المؤسسات والشركات المحلية تكابد مشاكلها المالية بنفسها، وتواجه شح المشاريع وندرة الفرص بنفسها لتزداد معاناتها، فبعد أن توقفت معظم الأنشطة الاقتصادية نتيجة جائحة كورونا، لم تتبق إلا المشاريع الحكومية، حيث ميزانياتها مرصودة من قبل الدولة، وعليها تقتات معظم شركات ومؤسسات القطاع الخاص، الذي يضم اليوم عشرات الآلاف من الموظفين الكويتيين! والآن، وبعد هذا الإعلان المشؤوم، أصبحت هذه الشركات معرّضة للإفلاس والإغلاق ومغادرة السوق!

***

نشرت صحيفة القبس خبر الاستعانة المذكور في صدر صفحتها الأولى، وذكرت نقلاً عن مصدر الخبر أن من أسباب صدور هذا القرار هو الحصول على أسعار تنافسية، وكلنا يعلم أن المقاول الأجنبي يرفع من تكلفة المشاريع، بل ويضاعفها أحياناً، هذه حقيقة لا يجادل فيها إلا مكابر.

كما ذكر الخبر تبريراً آخر لهذا القرار الغريب، وهو اختصار وقت تنفيذ المشاريع، وهذا كلام غير دقيق هو الآخر، فالشريك الأجنبي يحتاج إلى وقت أطول للتحضير للبداية، ناهيك عن الوصول لنهاية المشروع، ولذلك كل مقاول أجنبي يستعين بالمقاول المحلي لتوفير الكلفة والوقت! وهذه أيضاً حقيقة يعرفها كل من يعمل في مجال المقاولات! أما الادعاء بأن الوكيل المحلي يعرقل التنفيذ ويؤخر المشروع، فهذا ادعاء بعيد عن الحقيقة والواقع، فوجود الشريك المحلي ضروري للجانب الإداري لإضفاء الصبغة القانونية على العمالة الموجودة، كما أن معظم المشاريع يكون الجانب التقني أو التخصصي فيها محدوداً، وعليه يستطيع المقاول المحلي وبسهولة إنجاز معظم مراحل المشروع وبكلفة أقل!

***

الذي أعرفه أن للمقاولين اتحاداً، وللمهن الهندسية اتحادات، وللمهندسين جمعية، وللاقتصاديين كذلك، ومثلها لبقية القطاعات، ومما يؤسف له أنني لم أسمع اعتراضاً من هذه النقابات المهنية على هذا التوجه الحكومي الخطير، الذي يعرض مصالح المقاولين للخطر، خاصة أن من أهداف هذه النقابات والاتحادات هو الدفاع عن مصالح أعضائها.

***

قد نحتاج إلى مقاول أجنبي لبناء جسر داخل البحر، أو ميناء بحري، أو نفق تحت الماء، وهي مشاريع خبراتنا المحلية فيها محدودة، لكن لماذا أحتاج إلى هذا الأجنبي وأنا أبني جسراً أو نفقاً أو طريقاً سريعاً؟ لماذا أستعين بالأجنبي وأنا أبني مجمعاً أو عمارة أو مبنى إنشائياً؟

اليوم الكويت لديها مكاتب هندسية تصل بخبراتها إلى العالمية، ولديها شركات مقاولات تضاهي أكبر الشركات العالمية، انظروا إلى معظم المباني في الديرة، التي تجاوز ارتفاعها الأربعين طابقاً، تجدها أُنشئت بمقاول محلي، حتى الطرق السريعة والجسور تم تنفيذها من قبل شركات كويتية رائدة!

اليوم نحتاج إلى ثقة بالمقاول الكويتي لا تكسير عزمه، ونحتاج إلى تشجيع النبوغ الكويتي، الذي أثبت جدارته في معظم مشاريعنا الإنشائية لا تجاهله وإهماله.. اليوم مطلوب من اتحاد المكاتب الهندسية واتحاد المقاولين والبقية التحرّك لوقف هذا القرار الجائر.

تعليقات

اكتب تعليقك