صديق الشعب الإسرائيلي
عربي و دوليلماذا عُيّن مشائي، لا لماذا أقيل؟
يوليو 30, 2009, منتصف الليل 1625 مشاهدات 0
أعلن اسفنديار رحيم مشائي الاستقالة من منصبه كنائب أول للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، حيث قال في بيان له إنه لم يعد يعتبر نفسه نائبا أول للرئيس بعد أمر المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية علي خامنئي إلى نجاد بالعدول عن قرار تعيينه.
وتُظهر زوبعة إقالة مشائي بعد ثلاثة أيام من تعيينه، عدة مؤشرات على التحولات الكبرى التي تمر بها الجارة جمهورية إيران الإسلامية بعد بروستريكا حسين موسوي التي ما زال يحاول من خلالها إجبار القيادة الإيرانية على الاعتراف بأخطائها وبضرورة إعادة هيكلة مؤسسة الحكم وعلاقات إيران الإقليمية والدولية وكأنه يقرأ من كتاب غورباتشوف.
لقد جاءت إقالة نجاد لنسيبه مشائي وتقبل الأخير لهذا الأمر بصدر رحب متسقة مع الصفات التي كان قد ذكرها نجاد كتزكية له، فاختيار مشائي جاء لكونه «إنسانًا مؤمنًا وملتزمًا بوعي وعمق بنهج الولاية ومبادئ الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وخادمًا مقتدرًا وصديقًا للشعب الإيراني العزيز والمؤمن».
لكن نجاد لم يكن يجهل أن نسيبه قد قال في 17 يوليو 2008 إن إيران صديقة للشعب الأميركي والشعب الإسرائيلي، بل ما من أمة في العالم هي عدوتنا، وهذا فخر لنا، وإننا نعتبر الشعب الأميركي من أفضل شعوب العالم! فما الذي جعل نجاد يتجاوز مثل هذه التصريحات التي هي على طرف النقيض من طروحاته تجاه الولايات المتحدة وإسرائيل؟
لقد جاء في خطاب مرشد الثورة إلى نجاد: إن هذا التعيين يتعارض مع (مصلحتكم) ومصلحة الحكومة، وسيثير انقسام وغضب أنصاركم. فما مصلحة نجاد التي أضاعها من وجهة نظر المرشد بتعيينه مشائي؟
لقد فطن المحنك المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي حفيد الفيلسوف الإيراني محمد باقر المدعو ميرداماد صاحب كتاب القبسات، فطن إلى أن نجاد، ذلك الابن البار لمؤسسة الملالي الحاكمة، قد فضل مصلحته الشخصية وهي الاستمرار في الحكم على مصلحة نظام الملالي، وقد دخل في المنافسة مع المرشح الخاسر حسين موسوي في الهرولة نحو دغدغة مشاعر الشارع الإيراني الذي مل من تصلبه غير المبرر مع الغرب، كما أنها هرولة في نفس الاتجاه الذي سلكه موسوي في غزله مع الغرب. فقد صرح موسوي أن أموال إيران تهدر لرفاهية أطراف لا تخدم بحكمةٍ السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية مثل حماس وحزب الله، كما أنه قد أعلن في أكثر من صيغة بأن الملف النووي الإيراني قد تم تسويقه للعالم بطريقة استفزازية، وهو أيضاً الرجل الذي انتقد نجاد في إنكاره لمحرقة اليهود المسماة (Holocaust) بدعوى أن إنكارها تمجيد للطاغية هتلر.
ولا نفشي سراً إذا قلنا إن الولايات المتحدة قد وضعت أمام الإيرانيين منذ زمن طويل عرضاً يتمثل في الاعتراف بإسرائيل وما يتبع ذلك من إطلاق ليدها في فلسطين ولبنان عبر الضغط على حلفاء طهران هناك لتقديم تنازلات يمكن تسويقها، نظير إطلاق يد إيران في منطقة نفوذها المزعومة في الخليج العربي وأطراف آسيا المحاذية لها، وما يرافق ذلك من تحقيق لطموحها النووي.
التحولات الكبرى التي تجري في إيران حاليا ليست ببعيدة عما قام به غورباتشوف في الاتحاد السوفيتي، وكانت النتيجة أن البناء الجامد لم يكن قابلا للإصلاح فانهار كله. لكن ما يقلق المراقبين في التحولات الإيرانية هو أن وتيرة الانهيارات جاءت سريعة ورافقتها تحولات حادة في مواقف الأطراف المشاركة في الحدث، بل إن إقالة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لوزير الاستخبارات غلام حسين محسني إيجائي، تؤكد أننا مقبلون على حرب دسائس بين أعضاء حكومة الملالي.
تعليقات