د.موضي الحمود: مسألة وقت.. إن لم نحذر!

زاوية الكتاب

كتب د. موضي الحمود 1034 مشاهدات 0


لنبتعد قليلاً عن مشاكلنا الداخلية التي تتجدد، وعن عثراتنا التنموية التي تتعدد، فنحن بالتأكيد لن نستطيع التغلب على مشاكلنا بحسن النوايا، ولن نحقق التنمية باللقاءات الودية أو التصريحات الرسمية مهما تسامت أهدافنا وارتفع سقف طموحاتنا.. نحتاج إلى الإدارة الكفوءة لنحقق ما نصبو إليه، فالإرادة وحدها لا تكفي. 

ودعونا اليوم نفكر فيما يدور حولنا وفي محيط منطقتنا المنكوبة أو قل «المسلوبة» إرادتها من قبل قوى عالمية تخطط لها ما لا ندرك أهدافه حتى وإن عشنا أحداثه وتابعنا فصوله. 

ولنعد بالذاكرة إلى مايو 2003 وأثناء حرب تحرير العراق، ففي حينها أعلن الحاكم المدني لقوى التحالف «بول بريمر» حل الهياكل العسكرية وتسريح الجيش العراقي الذي تلاشت فصائله تاركةً مخازن أسلحته وذخيرته نهباً لمن طالتها يداه.. انتشر السلاح وزادت عسكرة الميليشيات وانتعشت بغياب الجيش الفرق المتطرفة كجماعة «التوحيد والجهاد» والتي أصبحت «داعش» لاحقاً.. ومن ذلك الوقت وحتى الآن لم يهدأ العراق ولا من حوله. 

أرى هذا السيناريو يتجدد مؤخراً مع انسحاب الجيش الأميركي المتعجل من أفغانستان مخلفاً وراءه الأسلحة والعتاد والآليات المتطورة التي «غنمتها» فصائل طالبان والتي اجتاحت الولايات الأفغانية وسيطرت على معظمها دون مقاومة. 

غاب الجيش النظامي الأفغاني الذي قال عنه الرئيس الأميركي أن أعداده الكبيرة والتي بلغت 300 ألف جندي والمجهز بأحدث الأسلحة سيتمكن من صد مقاتلي طالبان الذين يبلغ عددهم 75 ألف مقاتل..!!! تلاشى الجيش.. ومعه نزحت جيوش اللاجئين من المدنيين الأفغان إلى دول الجوار.. فارين بأنفسهم في مناظر مؤلمة.. لا نعلم ما سيكون عليه مستقبل هذه الدولة ونتمنى لها ولشعبها الاستقرار.. ولكن من المتوقع أن تكون ولفترة من الزمن مسرحاً للنزاع والتشدد.

ما حدث في العراق وتكرر في أفغانستان أمر محير ومثير للتساؤل، وحتى لو ابتعدنا عن نظرية المؤامرة.. فإن أميركا بالتأكيد ارتكبت «خطأ تاريخيا» بل أخطاء تاريخية تكررت في الحالتين مما يثير الشك والريبة حول أهداف تسريح الجيش العراقي أو انسحابها الأخير من الأراضي الأفغانية خاصةً مع تعاظم وجود وسطوة الحركات المتشددة، سواء أكانت على أسس طائفية أو عرقية في البلدين. 

أمر مقلق للعالم أجمع ولنا في دول الخليج خاصة، لقربنا من بؤر الصراع والنزاع المشتعلة في سوريا ولبنان واليمن وفي آسيا الوسطى بدخول أفغانستان في المشهد.. والخشية كل الخشية من تسلل آفات التشدد وخلايا التطرف إلى دولنا.. الأمر الذي يحتم التنسيق والتوافق بين هذه الدول لحماية مجتمعاتها ومصالحها من تبعات كل ذلك، فتأثيرات كل ذلك واردة والمسألة مسألة وقت إن لم نحذر ونستعد لمواجهتها. 

ونسأل الله أن يستر علينا من القادم.

تعليقات

اكتب تعليقك