أين أوصلتنا خطة الدفاع (حسن الظن) ؟
محليات وبرلمانخروج العراق من البند السابع
يوليو 27, 2009, منتصف الليل 2543 مشاهدات 0
1968 م اندفعت قوات الاتحاد السوفيتي وأربع دول من حلف وارسو عبر حدود تشيكوسلوفاكيا وحطمت طموح الكسندر دوبشك في خلق أول ديمقراطية اشتراكية حقيقية، حيث لم يجد أهل براغ ما يفعلونه لوقف الدبابات السوفيتية في شوارعهم الا رميها بنظرات الذهول، أما رومانيا فقد وقف نيكولاي تشاوتشيسكو على الحدود قائلا للسوفيت أن عليهم اجتياز جثته مع جثث الشعب الروماني قبل أن يصلوا الى بوخارست وصوفيا، ثم أدار ظهره لهم وعقد اتفاق شيوعي مع الصين، واتفاق عدم انحياز مع نهرو وجمال عبد الناصر.
لقد كانت سياسة حسن النية والثقة بالصديق الأكبر والخوف من قوته هي التي خلقت 'ربيع براغ ' التشيكوسلوفاكي، كما أن تصميم الرومانيين وعدم تخاذلهم رغم صغر حجمهم هو الرسالة الواضحة التي فهمها السوفيت، فلم يجرؤ على اجتياز الحدود خوفا من تبعات ذلك الدولية.
ففي وسط لا مبالاة الغرب وثقنا بالنظام العربي في نهاية الثمانينيات جاء أغسطس الكويت شبيه بأغسطس براغ، حيث تسلحنا بحسن النية كخط دفاع أول، واليوم يعيد التاريخ نفسه فنزيد في ثقتنا بالنظام الدولي تحت كنف صديقنا الأكبر الولايات المتحدة الأميركية، لنفاجأ ببلفور القرن الحادي والعشرين فخامة الرئيس الأميركي باراك أوباما وهو يعد بما لايملك لمن لايستحق، كما فعل آرثر جيمس بلفور Arthur James Balfour في عام 1917م حيث أبلغ أوباما المالكي، ان واشنطن مستعدّة للضغط على الأمم المتحدة لرفع العقوبات التي فُرِضت على العراق عام 1991، وهي خطوة من شأنها أن توفر لبغداد مليارات الدولارات، وأنه مستعدّ لدفع الدول الأربع الأخرى الدائمة العضوية في مجلس الأمن، إلى رفع العقوبات المفروضة على العراق بموجب ما يُعرَف بالفصل السابع، التي تجبر بغداد على تسديد 5 في المئة من عائداتها النفطية السنوية إلى دولة الكويت كتعويض عن غزوها عام 1990، علماً بأن التعويضات تبلغ حوالي 24 مليار دولار، حيث ختم حديثة قائلا من الخطأ استمرار تحمل العراق عبء الخطايا التي ارتكبها دكتاتور مخلوع، وهنا يلتقي أوباما مع بقايا البعثيين في خطابهم بخطأ تحمل العراقيين وزر الطاغية، ومع بلفور في نظرة العطف للشعب العراقي، متجاهلا انه يتحدث عن بلد متخم بالدولارات التي حصدها منذ ارتفاع أسعار النفط منذعام 2003 م وعاش في وفرة مالية حتى العام الماضي.
لقد قال النائب الأول لرئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ د.محمد صباح السالم أن مايهم الكويت بالدرجة الأولى هو التزام العراق بقرارات الأمم المتحدة، وماقاله د.محمد الصباح هو الخطاب الذي علينا تبنية كجبهة واحدة صلبة في وجه العراق وحكومة الولايات المتحدة الأميركية، لأننا لسنا في باب خنق العراق او إضعافه .
وفي الوقت نفسه علينا الانتباه إلى جهود خبيثة تجري في الخفاء، وتسوق لمقولة أن الكويت تشهد جدلاً داخلياً حول تسوية الديون مع العراق، ونتوقع في الفترة المقبلة ضغوط أمريكية رهيبة على الكويت للقبول بالأمر الواقع، وفي نفس السياق ستكون هناك حملة محلية لتهيئة الرأي العام الكويتي لقبول إسقاط الديون، اسوة بما تم لمصر وسوريا عند تحرير الكويت، وسيكون رأس الحربة بعض أعضاء مجلس الأمة من ذوي المصالح، يساندهم في ذلك رجال أعمال نافذين اغرتهم العروض التي على الطاولة العراقية/الأميركية حاليا.
ويبقى سؤال ملح، هل نملك خيار الوقوف في وجه من يحاول إخراج العراق من البند السابع خصوصا أن ليبيا وتركيا والصين في مجلس الأمن حاليا، وهي دول في جيب العراق؟ وهل نملك من القوة بأنواعها ما نقف به في وجه رغبة الولايات المتحدة ؟
الإجابة هي سؤال آخر:
هل نملك أن نتخلى عن جزيرة وربة ليزيل العراق أجزاء منها لتعميق ممراته المائية التي تحتاجها سفن الأخوات السبع من شركات النفط الأميركية؟ أو نملك ان نتخلى عن جزيرة بوبيان لتنفتح 'بوابة العراق العظيم' التي يطلب بها منذ عام 1932م ؟ لأن هذا هو المطلب القادم للعراق بعد إسقاط الديون.
إن عبء الكويت الاستراتيجي هو مكسب استراتيجي لها أيضا، فالموقع، والثروة النفطية والديمقراطية، وارتفاع سقف الحرية وأسلوب العيش Way of life الذي يحترمنا عليه الكثير من أهل لوس انجلوس ونيويورك كلها لصالحنا ضد وعد أوباما، إلا أن أهم وسائل دفاعنا هي إظهار روح التصميم على القتال حكوميا وشعبيا دبلوماسيا واقتصاديا وعسكرا، مما لا يترك للعدو إلا خيار واحد وهو قتال من أمامه.
تعليقات