‫علي البغلي: قرارات تدوس في بطن أهم مواد الدستور؟!‬

زاوية الكتاب

كتب علي البغلي 887 مشاهدات 0


وصلني خبر من خلال وسائل التواصل الاجتماعي صعقت باطلاعي عليه! الخبر يقول انه اعتباراً من يوم الخميس الماضي 24 يونيو يبدأ العمل بنظام الاتصالات الجديد: «المكالمة مسجلة - محادثات الموبايل محفوظة - الواتساب مراقب - وجميع التطبيقات المرتبطة بالتواصل الاجتماعي، فرقمك مراقب وجميع التطبيقات المرتبطة بالتواصل الاجتماعي مثل تويتر والفيسبوك، أرسلوها فهناك من لا يعرف ذلك، فجوالك مربوط بالسجل المدني والبصمة، انتبهوا رجاء عدم إرسال أي رسائل ليس لها داع، والله الموفق. فقد تم إقرار الجرائم الالكترونية، انصحوا من تحبون بتوخي الحذر والحيطة» انتهى. 

وقد أعدت ارسال هذا الخبر لأحد كبار قياديي الداخلية.. أسأله عن مدى صحته، ولم يردني منه جواب حتى ساعة كتابتي لهذا المقال؟!

*** 

ومواد الدستور التي يدوس هذا القرار الجائر ببطنها أكثر من واحدة، وهي من أهم مواد الدستور وتتعلق بالحريات الشخصية، وأولاها المادة (30) التي تقول «إن الحرية الشخصية مكفولة». وقد قضت المحكمة الدستورية بأن حق المواطن في كفالة حريته الشخصية طبقاً للمادة (30) من الدستور، يشمل حقه في الخصوصية الذي هو قلعة يحتمي فيها الفرد ضد تعكير صفو حياته.. 

القرار القادم يتجاهل أيضاً نص المادة (36) من الدستور، التي تنص على أن «حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة، ولكل انسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة وغيرهما وذلك وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون». 

أما المادة التي دهسها ذلك القرار دهساً ومزقها إرباً فهي المادة (39) من الدستور التي تذكر أن «حرية المراسلة البريدية والبرقية والهاتفية مصونة.. وسريتها مكفولة، فلا يجوز مراقبة الرسائل أو إفشاء سرّيتها إلا في الأحوال المبينة بالقانون وبالإجراءات المنصوص عليها». 

وقد نصت المذكرة التفسيرية لهذه المادة على أن «حرية المراسلة البريدية البرقية والهاتفية وكفالة سريتها ومنع مراقبة الرسائل «والمقصود بالرسائل في هذه العبارة الأخيرة كل ما سبق أن ذكرته المادة من أنواع المراسلات بريدية كانت أو برقية أو هاتفية». 

***

هذه هي مواد الدستور التي أقرت من قبل آبائنا منذ حوالي 6 عقود، فهل كان هؤلاء الآباء أكثر وعياً وفهماً للحريات والخصوصية أكثر من أبنائهم وأحفادهم، الذين سيطبقون تلك الإجراءات التعسفية والدكتاتورية المنتهكة لأثمن وأغلى ما يمتلكه الإنسان، وهو حقه في الخصوصية؟!

كما أريد أن أوضح أني لا أقصد من ذلك – أي حماية خصوصية الإنسان – حتى لو قام بارتكاب جريمة تعاقب عليها القوانين الجزائية، فذلك حق قانوني للسلطات العامة في كشفها، وإثباتها لارتكاب هذا الإنسان سلوكاً يعاقب عليه القانون.. 

وهذا القرار أو القانون لو كان لدينا مجلس يحترم معظم من فيه من جاء بهم الى ذلك الكرسي الأخضر، ليس ليلعب العديد منهم لعبة الكراسي الموسيقية، ولو كان لدينا حكومة رشيدة حقاً لا تصوّت على ميزانيتها في مدخل المجلس وقرب حماماته، لاطمأننا أننا في أياد سليمة نظيفة، لكن حال سلطتينا لا يشير لذلك.. لذلك فنحن نعتمد على أحرار هذا البلد وناشطيه من أفراد وجماعات وجمعيات نفع عام وقوى مجتمع مدني للتصدي لهذا القرار أو القانون الذي سيصيب كل أفراد المجتمع، ويتجاهل أهم مواد الدستور.. اللهم بلغت.. اللهم فاشهد.. 

ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

تعليقات

اكتب تعليقك