داهم القحطاني: الطريق إلى استقلال دولة الكويت لم يكن ليصل إلى محطة الاستقلال التي تمر اليوم الذكرى الستون لها لولا حنكة الكويتيين وقدرتهم على حماية حدودهم الفعلية
زاوية الكتابكتب داهم القحطاني يونيو 20, 2021, 10:36 م 286 مشاهدات 0
في عام 1899 ارتبطت دولة الكويت بمعاهدة مع المملكة المتحدة البريطانية اشتهرت بمعاهدة الحماية البريطانية، التي اضطر حاكم الكويت ورئيس قبائلها الشيخ مبارك بن صباح إلى إبرامها درءاً للأطماع العثمانية - الألمانية المتزايدة، حيث تم توقيع المعاهدة في 23 يناير 1899.
شروط المعاهدة البريطانية الكويتية كانت كالآتي:
- يتعهد الشيخ مبارك بن صباح بعدم قبول وكيل أو ممثل لأي دولة في الكويت من دون موافقة بريطانيا.
- عدم التنازل أو بيع أو رهن أو تأجير أي جزء من الكويت لأي دولة أخرى أو رعايا دول أخرى من دون موافقة بريطانيا.
ومن أبرز نتائجها توفير الحماية البريطانية للكويت.
هذه الاتفاقية مع بريطانيا لم تكن هي التي وفرت الحماية الأمنية للكويت طوال 62 عاماً، إنما كانت وسيلة لجأ لها الكويتيون بقيادة الشيخ مبارك بن صباح لمنع الدولة العثمانية عبر ولاتها في البصرة - العراق من ابتلاع الكويت.
وضمن هذه الوسائل قيام الكويت بمنع أي أطماع توسعية لدول أو قبائل أخرى.
الطريق إلى استقلال دولة الكويت لم يكن ليصل إلى محطة الاستقلال، التي تمر اليوم الذكرى الستون لها لولا حنكة الكويتيين وقدرتهم على حماية حدودهم الفعلية، أو الحدود التي قلصت لاحقاً.
ولهذا من المهم جداً تتبع مسار ترسيم حدود الكويت، لأنه تضمن صراع الكويتيين الحقيقي، والذي رسخ وجودهم.
أول ترسيم للحدود الكويتية تم عبر الاتفاقية البريطانية - العثمانية أو اتفاقية لندن 1913، التي عنيت بترسيم الحدود في منطقة الخليج العربي، ومن ضمنها الكويت.
وتضمنت الاتفاقية تحديداً واضحاً للحدود مع العراق، مما جعلها الأساس الذي رُسمت الحدود على أساسه مع العراق إلى هذا اليوم.
هذه الحدود بين الكويت والعراق توثقت بشكل رسمي في 19 نيسان (أبريل) 1923، بعد رسالة من المفوض السامي البريطاني في العراق إلى المقيم السياسي البريطاني في الكويت، والتي تضمنت اعترافاً بريطانياً بحدود الكويت مع العراق.
الاعتراف الأكثر وضوحاً بحدود الكويت تم في رسالة رئيس وزراء العراق نوري السعيد في 21 تموز (يوليو) 1932 والموجهة إلى رئيس الوزراء البريطاني السير همفري، والتي تضمنت الاعتراف بحدود العراق مع الكويت، وبالجزر الكويتية وربة، بوبيان، مسكان، فيلكا، عوهة، كبر، قاروه، وأم المرادم.
بداية التشكيك العراقي في الحدود مع الكويت، وفي استقلال الكويت عن العراق تم في عهد الملك غازي بن فيصل عام 1935، حيث أنشأ إذاعة قصر الزهور لمهاجمة الحكم في الكويت وتحريض الشباب الوطني على حكامه.
وهنا تتعدد القصص حول موقف الشباب الوطني من دعوات لم الشمل مع العراق، التي أثارها غازي بدعاوى محاربة بريطانيا، فمنهم من رفضها من حيث المبدأ، ومنهم من خدع بها بدافع عروبي.
تبعت ذلك محاولات رئيس وزراء العراق نوري السعيد بضم الكويت إلى ما يعرف بالاتحاد الهاشمي عام 1958، الذي شمل العراق والأردن، لكن الشيخ عبدالله السالم رفض المشاركة في هذا الاتحاد.
وتمسكت الكويت برفض المشاركة رغم الطلبات والنصائح البريطانية والأميركية، والتي كانت تستهدف إبعاد الكويت عن المد القومي بقيادة الرئيس المصري جمال عبدالناصر.
الخطوات العملية التي اتخذتها الكويت للاستقلال عن بريطانيا بدأت في عام 1958، عندما عقد الشيخ عبدالله السالم سلسلة لقاءات مع المقيم البريطاني تضمنت الرغبة في الانضمام للجامعة العربية كتمهيد لمرحلة الاستقلال، إلا أن بريطانيا رفضت ذلك، لكنها أكدت تعهدها بالحفاظ على مستوى علاقاتها مع الكويت.
ولاحقاً وبعد سلسلة من الاجتماعات التي عقدها الشيخ عبدالله السالم مع المقيم السياسي في الخليج جورج ميدلتون، لدى زيارته للكويت في كانون الثاني (يناير) 1959، تضمنت الحديث حول قضايا عدة تتعلق بانضمام الكويت للجامعة العربية، ولمنظمات دولية أخرى، تلقت الكويت رسالة من رئيس الوزراء البريطاني هارولد مكميلان تدعم أي قرار تتخذه الكويت.
هنا حاول رئيس الوزراء ووزير الدفاع العراقي عبدالكريم قاسم استباق إعلان استقلال الكويت بالقول إنه لا توجد حدود تفصل الكويت عن العراق، مما جعل الكويت تعلن في 19 حزيران (يونيو) 1961 الاستقلال، وإنهاء معاهدة الحماية مع بريطانيا واستبدالها باتفاق أمني مدته 7 سنوات انتهى عام 1968 ولم يجدد.
وثيقة الاستقلال وقعها الشيخ عبدالله السالم في 19 حزيران (يونيو) 1961، ووقعها عن الجانب البريطاني المقيم السياسي في الخليج وليم لوس، وبحضور الوكيل السياسي في الكويت جون ريتشموند.
الشيخ عبدالله السالم تلقى برقيات التهنئة بالاستقلال من الزعماء العرب، ومن ضمن ذلك برقية من رئيس وزراء العراق عبدالكريم قاسم، يقول فيها إن اتفاق الحماية مع بريطانيا غير شرعي، وكان ذلك بداية التحرشات العراقية التي أعقبت إعلان الاستقلال الكويتي لكنها لم تمنع الاستقلال.
تعليقات