‫داهم القحطاني: الكويتيون يعانون من سرطان الواسطة وتأثيراته المؤلمة ولا يمكنهم أن يسامحوا من يسمح بذلك‬

زاوية الكتاب

كتب داهم القحطاني 415 مشاهدات 0


لا أدري لماذا تصرف ملايين الدنانير على المجلس الأعلى للتنمية والتخطيط، وأمانته إذا كانت النتيجة لا تنمية، ولا تخطيط، إنما مجرّد قيام بعض مسؤوليه في لقاءاتهم التلفزيونية بتفسير تأخر المشاريع في الكويت بـ«أن لكويت غير»، كما جاء في مقابلة شهيرة أعيدت فيها هذه العبارة نحو عشر مرات ما شجع بعض مواقع تدوين الفيديو إلى دبلجة مقطع تتكرر فيه هذه العبارة ليُضحكوا بها قليلاً متابعيهم، فشر البلية كما يقال ما يضحك. هذه القصة تتكرر نسخاً ولصقاً، أو كما يحب أن يقول مدمنو ثقافة الفرانكوعرب «كوبي أند بيست»، في جهات حكومية عدة، فمدير الجهة أو رئيس المؤسسة الحكومية «ما يدري وين الله قاطه»، أو لنقل يدري لكنه لا يدري كيف تُدار الجهة التي قررت الحكومة إسنادها له.

فَمُ نائب أو رئيس تيار سياسي «يعشق الخنوع للحكومة مقابل المناصب» أو شيخ قبيلة أو عميد أسرة، فَمٌ يُقبل أنف شيخ في أي بي (نافذ)، ثم يفيق الكويتيون على خبر تعيين شخص ما غير مختص على هيئة أو مؤسسة حساسة جداً، وطبيعة عملها خطرة قد تُعنى بالطيران، أو تُعنى بالموانئ، أو تتولى مواضيع الثقافة والفنون والآداب. 

يحتار في تفسير نظرية «لكويت غير» عقل الحليم من المواطنين الشرفاء، الذين لا يقبلون أن يتجاوزوا حقوق غيرهم من المؤهلين شهادة، وحنكة، وخبرة في الأحقية في تولي المناصب العامة، لكنهم لا يعرفون كيف يمكن أن يقنعوا الحكومة بأنه من العيب تعيين غير المؤهل في موقع قيادي لمجرّد أن الحكومة تريد تضبيط نفسها سياسياً مع نواب بعضهم لا يحترم الشعب الكويتي، أو مع متنفذين لا يرون في هذا الوطن الجميل سوى هبرة لحم خلقت لكي تُنهش.

الحكومة تريد الحصول على رضا الشعب الكويتي عبر تحقيق مطالب من تعتقد أنهم المؤثرون فيهم، لكنها لا تعلم، أو ربما تعلم، لكنها لا تهتم لذلك، بأنها وفي مقابل الحصول على رضا المئات من هؤلاء ومن الدائرة المحيطة بهم، فإنها تحظى في المقابل بغضب من مئات الآلاف من المواطنين، الذين يعتبرون التعيين «بالباراشوت» تضييعاً لمصالح البلد، وإهانة للشعب لا تغتفر. 

من هنا يمكن لأي متابع أو محلل سياسي تفسير لماذا لا تحظى الحكومات المتعاقبة بالشعبية، في حين يحظى أعضاء مجلس الأمة بشعبية أكبر، فالكويتيون يعانون من سرطان الواسطة، وتأثيراته المؤلمة، ولا يمكنهم أن يسامحوا من يسمح بذلك.

قال رسول الله صل الله عليه الصلاة و السلام: «إِذَا ضُيِّعَتْ الْأَمَانَةُ فَانْتَظِرْ السَّاعَةَ، قَالَ كَيْفَ إِضَاعَتُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ إِذَا أُسْنِدَ الْأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرْ السَّاعَةَ» - ( حديث 6131 صحيح البخاري ).

تعليقات

اكتب تعليقك