‫عبداللطيف بن نخي: تراجع التعليم في الكويت نتيجة تراكمية لقصور حكومي وفساد برلماني‬

زاوية الكتاب

كتب د. عبد اللطيف بن نخي 740 مشاهدات 0


سعدتُ بمعرفة أن وزارتي التربية والتعليم العالي، تسعيان إلى المشاركة في تحقيق الأهداف السامية المنشودة في «إعلان الرياض»، الذي صدر عن اجتماع الدورة الأربعين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية.

حيث إن الوزارتين معنيّتان بمسارين من بين المسارات الخمسة التي تم اقتراحها في الإعلان لمشروع «استكمال متطلبات التنافسية العالمية» في دول المجلس، وهما: مسار استغلال العلوم والتكنولوجيا المدعومة بالأبحاث لإيجاد حلول للتحدّيات المشتركة التي تواجه المنطقة مثل تأمين الماء والطاقة والزراعة، ومسار تشجيع ريادة شبابية نحو المستقبل عبر تعزيز الوعي بأهمية الابتكار وريادة الأعمال بين جميع شرائح المجتمع، خاصة طلبة الجامعات.

بالنسبة للمسار الأول، مسار البحث العلمي، لدينا في الكويت جهتان تبنّتا مواكبة متطلبات التنافسية العالمية قبل إعلان الرياض، وينبغي أن تستفيد منهما المؤسسات الأكاديمية المحلّية المنشغلة بالأبحاث العلمية كجامعة الكويت والهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب.

الجهة الأولى هي معهد الكويت للأبحاث العلمية الذي أعاد تشكيل هيكله التنظيمي قبل قرابة عشر سنوات، ليُعلن إنشاء مراكز أبحاث مختصّة بمجالات ذات أهميّة للكويت كالبترول والمياه والطاقة والبناء والبيئة والعلوم الحياتية.

والجهة الثانية هي مؤسسة الكويت للتقدّم العلمي التي طوّرت على مدى سنوات متتالية سياستها ومنهجيتها في دعم وتمويل الأبحاث العلمية بغرض توجيهها وترشيدها، وكان آخرها التطوير الذي دخل حيز النفاذ مع بداية العام الجاري، وتقرّر بموجبه دعم وتمويل أربعة مستويات من البحوث (هي البحوث التطبيقية وبحوث السياسات ومشاريع نموذجية وبحوث ذكاء الأعمال) في سبعة مجالات معرفية ذات أولوية وطنية (هي الصحة والتعليم والبنية التحتية والتنمية الحضرية والبيئة والطاقة والاقتصاد الكلي والتحول الرقمي).

وأما بالنسبة للمسار الثاني، مسار تعزيز القدرة على الابتكار وريادة الأعمال، فالوضع أكثر صعوبة وتعقيداً من المسار الأول لأسباب عدة، من أبرزها أن هذا المسار يستوجب ضبط التناغم التكاملي بين كل من المركز الوطني لتطوير التعليم وإدارة تطوير المناهج التابعة لوزارة التربية ومؤسسات التعليم الجامعي والتطبيقي، الحكومية والخاصة، من أجل تخفيف جرعات الكفايات والمهارات المقترنة بمستويات التعليم السائدة، المعتمدة كليّاً على قدرات التذكّر أو التكرار، وتعويضها بجرعات الابتكار وريادة الأعمال، التي تتطلّب تنمية التفكير الناقد والإبداعي، المبنيّ على التحليل إلى عناصر أولية والتقييم وفق معايير ملائمة ثم الاستدلال والاستنباط وفق مبانٍ علمية.

لذلك المهتمون بالتعليم متشائمون حيال إمكانية نجاح الدولة في المسار الثاني، خصوصاً بعد ما شاهدوه من مواقف شعبوية على حساب جودة التعليم من قبل عدد من نوّاب مجلس الأمة في مسألة الاختبارات الورقيّة للمرحلة (12).

فالمعارضة البرلمانية للاختبارات الورقيّة يتبنّاها نوّاب من فئات مختلفة، من بينهم أكاديميون منتسبون إلى جامعة الكويت وأعضاء في اللجنة التعليمية البرلمانية، الذين يفترض أنهم الأكثر حرصاً على جودة التعليم ونزاهة الاختبارات.

ومن بين ما يزيد الإحباط، تغاضي أو تساهل العديد من النشطاء الأكاديميين المهتمين بجودة التعليم تجاه توصية اللجنة التعليمية البرلمانية بوجوب عقد الاختبارات بنظام «الأونلاين» بحجة عدم استكمال الاشتراطات الصحية، ورفض تأجيلها إلى ما بعد استكمال الاشتراطات.

وأما الأشد إضراراً بمساعي تطوير التعليم واستكمال متطلبات التنافسية العالمية، فهم النوّاب الذين يُضحّون بجودة التعليم ثم يرجعون لاحقا بلباس المُصلِحين ومكافحي الفساد، ليساوموا ويساءلوا وزيري التربية والتعليم العالي عن مسؤوليتهما تجاه تدنّي نتائج ومركز الكويت في المؤشرات العالمية للتحصيل العلمي وجودة منظومة التعليم.

تراجع التعليم في الكويت نتيجة تراكمية لقصور حكومي وفساد برلماني.

واستمرار تدهور مركز الكويت في مؤشرات التعليم العالمية حصاد طبيعي لازدواجية النشطاء الأكاديميين المهتمين بجودة التعليم.

لذلك أدعوهم إلى تحمّل مسؤوليتهم المجتمعية والتصدّي الفوري للنوّاب الأكاديميين الذين يقدّمون جودة منظومة التعليم كأضحية وقربان إلى ناخبيهم... «اللهمّ أرنا الحقّ حقاً وارزقنا اتباعه».

تعليقات

اكتب تعليقك