عبداللطيف بن نخي: هناك فرقاً شاسعاً بين الأداء النيابي الرشيد الذي يُقيّم بحجم نتائجه على أرض الواقع وبين الأداء الشعبوي الأبتر الذي يُقاس بميزان التكسّب الانتخابي
زاوية الكتابكتب د. عبد اللطيف بن نخي مايو 5, 2021, 10:56 م 810 مشاهدات 0
قبل تشكيل الحكومة الحالية، أصدرت مجموعة الـ (16) نائباً بياناً في شأن استحقاقات الحكومة المرتقبة آنذاك. هذا البيان لم يتضمّن الإصلاح الاقتصادي كأولوية، ولا معالجة أزمة المشاريع الصغيرة والمتوسطة كاستحقاق.
وكان هذا التجاهل محور سؤال وجهه الدكتور أنور الشريعان إلى نائبين من المجموعة الـ (16) أثناء استضافتهما بتاريخ 7 فبراير 2021 في برنامج حواري متعدّد الأطراف في إحدى القنوات التلفزيونية المحلية.
فردّ عليه أحد النائبين بالتحذير من خلط الأوراق، من منطلق حسن النوايا أو بسبب نقص المعلومات، ثم أكّد النائب أن أزمة المشروعات الصغيرة والمتوسطة أولوية، ولكنها مؤجلة، وأنه يجب أن «نمشي خطوة خطوة» حتى لا تختلط الأولويات.
وبعد مرور ثلاثة أشهر على التحذير من «خلط الأوراق»، ورغم عدم تحقيق المجموعة أيّا من الاستحقاقات التي تبنّتها في بيانها، تفاجأنا باسم النائب «المحذّر» بين أسماء مقدمي طلب عقد جلسة خاصة لمناقشة عزم وزارة التربية إقامة اختبارات ورقيّة للصف الثاني عشر. وفسّر مراقبون هذا التحول الكبير في سلّم أولويّات المحذّر بمثابة انقلاب - ولو بصورة موقتة - على أولوياته السابقة التي سبق أن أعلن عنها في حملته الانتخابية، وأكد عليها في بيان مجموعة الـ (16).
توقيع النائب المحذّر على طلب عقد الجلسة الخاصة يكتنفه العديد من الجوانب المحرجة له. حيث إن له تصريحاً رنّاناً قبل قرابة شهر، شكّك فيه بالمؤشرات التي تنشرها وزارة الصحة في شأن جائحة كورونا، التي كانت تشير في حينها إلى ازدياد في أعداد الإصابات بالفيروس. فرغم ذلك التصريح المدوي، نجده اليوم مستنداً على المؤشرات ذاتها - التي شكّك في مصداقيتها - لدعم اعتراضه على إقامة اختبارات ورقية للصف الثاني عشر.
المسوّغ الآخر للمحذّر وزملائه في الاعتراض هو عزم «بعض» الدول على أن تكون اختباراتها عبر منصّات الفصول الافتراضية، متجاهلين الدول الأخرى التي أعلنت عزمها إقامة اختباراتها حضوريّة ورقية، فضلاً عن تناسيهم الدول التي فتحت فصول مدارسها لتدريس الطلبة في مختلف المراحل الدراسية.
من جانب آخر، وزارة الصحة التي سمحت لوزارة التربية إقامة اختبارات ورقيّة، هي الوزارة ذاتها التي سمحت لدور السينما فتح صالاتها خلال فترة عيد الفطر وفق إرشادات وقائية أقل شدّة من تلك المفروضة على وزارة التربية، وفق العينات التي تم عرضها في تلفزيون الكويت لقاعات اختبار ودور عرض.
لذلك أتساءل: لماذا طالب النائب المحذّر وزملاؤه بعقد جلسة خاصة لمناقشة قرار عقد الاختبارات في المدارس ولم يطالبوا بعقد جلسة مشابهة لمناقشة قرار فتح صالات دور السينما؟ ولماذا لم يطالبوا بجلسة أخرى لمناقشة وزير الداخلية في شأن حالة التساهل في فرض الحظر الجزئي؟ بل لماذا لم يعترضوا على إجراء انتخابات 2020 في المدارس رغم أنها نُظّمت في ظروف أشد خطورة من حيث شدّة التزاحم وقبل البدء بحملة التطعيم ضد الفيروس؟ يرى مراقبون أن الجزئيتين الأشد إحراجاً للمحذّر وبعض زملائه مقدمي طلب عقد الجلسة الخاصة، هي في كونهم أكاديميين فينبغي أن تكون نزاهة ومصداقية تقييم الطلبة من أرقى اهتماماتهم، وفي أنهم دعاة إصلاح فيفترض أن تكون مكافحة فساد التعليم من أهم أولوياتهم.
لو كنت نائباً، لشكرت وزارة الصحة على جهودها في التقصّي عن جهوزيّة مدارس الاختبارات، وعلى شفافيتها في الإعلان عن نتائج زياراتها العشوائية لعدد منها، ولطالبت وزارة التربية باستعراض ما أنجزته من استعدادات والجدول الزمني لاستكمالها.
المراد أن هناك فرقاً شاسعاً بين الأداء النيابي الرشيد، الذي يُقيّم بحجم نتائجه على أرض الواقع، وبين الأداء الشعبوي الأبتر الذي يُقاس بميزان التكسّب الانتخابي... «اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه».
تعليقات