‫خالد الطراح: أقول لمن يحتضر نيابياً إن الكويت ستبقى جميلة بأهلها الشرفاء وغير المتلونين سياسياً فالبلد بغنى عن النصير النيابي الانتهازي صوناً للمكتسبات الدستورية التاريخية‬

زاوية الكتاب

كتب خالد الطراح 771 مشاهدات 0


في خضم ما نشهد من تجاذب سياسي بين الأغلبية النيابية المعارضة والحكومة وأقلية نيابية موالية لها، تتبلور جلياً المصالح النيابية بالمراهنة على العبور انتخابياً عبر التباكي على مكافآت الصفوف الأمامية، والسباق المشبوه للأقلية نحو عقد جلسة خاصة لصرف المكافآت، من دون التفريق بين شبهات الاعتداء على المال العام وما هو مشروع قانوناً.

تحول ملف الصفوف الأمامية الحكومي المنشأ، إلى ملف للتكسب الانتخابي من نواب الأقلية النيابية وانتقامها من الاغلبية النيابية المعارضة والانتهازية باستغلال هذا الملف، حتى بعد تحوله إلى فضيحة تمس المال العام.

بعض نواب الأمة، ممن عرفوا بتقلباتهم السياسية ومواقفهم الموالية للحكومة وتحالفهم مع قوى متنفذة ومؤثرة بالنجاح والخسارة انتخابياً، نجدهم اليوم يلعبون على أوتار الصفوف الأمامية واستغلالها كورقة ضد كتلة المعارضة النيابية.

اقحمت عمداً مجموعة نواب الأقلية - كما يبدو - من نص بيانها، بتقديم طلب جلسة خاصة للصفوف الأمامية، أحداث جلسة مجلس الأمة في 27 أبريل 2021، بغاية الانتقام البرلماني من أغلبية نيابية متمسكة دستورياً بصعود رئيس الوزراء الشيخ صباح الخالد منصة الاستجواب في الجلسة نفسها.

بدا واضحاً طغيان اللوم المتعمد والحجج الانتقائية في تحميل مسؤولية عدم انعقاد جلسة المجلس للكتلة البرلمانية المعارضة، بالرغم من التحفظ القانوني المسبق للجنة الميزانيات على الكشف الحكومي، الذي شابته شبهات اعتداء سافر على المال العام من واقع بيانات مكافآت الصفوف الأمامية المرسلة إلى ديوان الخدمة المدنية متضمنة أكثر من 214 ألف موظف بين مواطن ومقيم تابعين لـ64 جهة حكومية، بعضها أو ربما غالبيتها لا علاقة لها بأزمة كورونا.

عمدت الأقلية النيابية إلى الاستظلال بستار المصالح تتصالح عند فرص الانتهازية والانتقام البرلماني، حين جرى الاتفاق على تقديم طلب جلسة خاصة لمجلس الأمة مختلفة بمضمونها عن الطلب النيابي الآخر، لسبب بسيط وهو أن الطلب الآخر المقدم يضم أسماء نواب من الأغلبية النيابية المعارضة.

لم يراع نواب الأقلية النيابية حرمة المال العام، فقد تجاوزوا طوعياً واقع الفضيحة الحكومية وما قد ينجم عن ذلك من شبهات فساد، قبل التدافع إلى عقد جلسة خاصة بالصفوف الأمامية، وتوجيه سهام الانتقام برلمانياً من كتلة المعارضة، بدلاً من الإجماع على محاسبة الحكومة على كشف رسمي جمع المستحق مع غير المستحق!

منعاً للالتباس والتأويل، أشدد على أن الحكومة شوهت قواعد العمل الإنساني التطوعي، بل أفسدتها باعتماد التقدير المادي للصفوف الأمامية بدلاً من ترسيخ هذه الروح اجتماعياً عبر التوشيح المعنوي للمستحقين، فالمادة فانية، بينما التكريم المعنوي أبدي الصدى والأثر، لذا أصبحت الصفوف الأمامية اليوم جسراً للشبهات والمزايدات والانتقام البرلماني.

هناك من نواب الأقلية الذي عاد بعد خسارة انتخابية في انتخابات 2016، وهناك من نجح بانتخابات 2020 بالصدفة أو بالشعارات الزائفة، لكن العامل المشترك بين هؤلاء الاصطفاف معاً حفاظاً على مصالحهم الشخصية وإضفاء الشرعية على التحالف مع الحكومة حتى بلغ تضليل الرأي العام بالنسبة لتفسير دستور الدولة. 

لاشك أنه هدف منشود ومشروع حين تتصالح أطراف الاختلاف عند مصلحة البلد، ولكن بالتأكيد ليس ثمة مشروعية حين تتلاقى المصالح الشخصية وتتصالح برلمانياً وانتخابياً على حساب مصلحة الكويت وشعبها.

أقول لمن يحتضر نيابياً إن الكويت ستبقى جميلة بأهلها الشرفاء وغير المتلونين سياسياً، فالبلد بغنى عن النصير النيابي الانتهازي صوناً للمكتسبات الدستورية التاريخية.

تعليقات

اكتب تعليقك