‫حسن العيسى: تخدير وعي وقلق وتيه بضياع البوصلة.. وغرق في غزوات كلامية تتفرج عليها السُّلطة وكأنه ليس هذا شأنها وين رايحين؟ ‬

زاوية الكتاب

كتب حسن العيسى 833 مشاهدات 0


قبل سنوات توقع اقتصاديون، مثل لوشيانو وحازم ببلاوي وغيرهما، مثل هذا السيناريو لمستقبل دولنا النفطية الريعية، فلوشيانو يرى أن مستقبل هذه الدول يمكن أن ينحصر في أي من هذه الاحتمالات:

1- أن تتحول أنظمتها البطركية الملكية إلى ملكيات دستورية مثل الدول الإسكندنافية. 

2- أن تظل هذه الأنظمة تبيع النفط، وتصرف الريع على الناس لآخر نقطة من النفط، وينتقل المواطنون الذين لديهم أموال لخارج دولهم -يعني أن المواطنين "الحفاي" يبقون في أماكنهم التي ستكون مدن أشباح وخرائب- وتنحصر وظيفة الدولة في إصدار الجوازات وشهادات الميلاد، وغيرها من أوراق رسمية.

3- أن تنقلب الدولة الريعية "التوزيعية" إلى دول منتجة، مثل العراق والجزائر (طبعاً لم يكن في حسبان لوشيانو حين وضع كتابه مع ببلاوي حالة العراق بعد الغزو، ووضعه الآن في مستنقع الفساد والمحاصصة الطائفية).

أما محمود عبدالفضيل، فيلاحظ أن الدولة الريعية النفطية تنفق بسخاء على الشوارع العريضة والخطوط السريعة والشكل العام، بدلاً من الإنتاج الحقيقي للسلع والخدمات، والسبب أن هذه المظاهر تبهر الناس بقدرات السُّلطة، أي أن نتائجها دعاية -أكبر عمارة وأوسع شارع... إلخ- ستكون سريعة، وتعطي صورة غير حقيقية لمستقبل هذه الدول.

ربما في الإمارات، التي تحولت لدولة سياحية وخدمات، والسعودية والبحرين وقطر في الطريق لإبعاد نفسها عن الخيار الثاني (أَنفِق، وبدِّد، وأطلق أيادي الفاسدين، وسكِّت الناس بالهبات، وخل القرعى ترعى). 

ويذكر عبدالفضيل أن هناك نهماً في الاستهلاك والاستيراد، فمعظم هذه المجتمعات تريد أن تعوض سنوات طويلة من الحرمان، وينسى الجميع أن هذه السنوات من الرفاهية مؤقتة وستزول في النهاية.

تأملوا حالنا اليوم، حرب داخلية في وسائل التواصل والإعلام عن ماذا قال بعض نواب المعارضة لرئيس المجلس النيابي، وماذا رد عليهم، وماذا ردوا عليه... والبشر المتابعون لثقافة الفراغ والقيل والقال نسوا الخيار الثاني، الذي ذكره لوشيانو، وهذا قريب جداً من الحدوث. 

تخدير وعي وقلق وتيه بضياع البوصلة... وغرق في غزوات كلامية تتفرج عليها السُّلطة الحاكمة، وكأنه ليس هذا شأنها... وين رايحين؟ اسألوا أهل البخاصة الجالسين في البنتهاوس، واسألوا أنفسكم!

تعليقات

اكتب تعليقك