حسن العيسى: كيف تحضر المجبوس؟
زاوية الكتابكتب حسن العيسى إبريل 17, 2021, 11:18 م 716 مشاهدات 0
اجتمع معنا مرة قبل عشرين عاماً أو أكثر يوسف النصف، في غرفة رئيس تحرير "القبس" ذلك الوقت محمد الصقر، "أبو عمر" (يوسف النصف) هو عضو مجلس إدارة "القبس"، وهو أيضاً متابع منضبط لكل ما نكتب، وكنا في ذلك الوقت في أوج النقد شبه اليومي لبعض الوزراء أو لنواب المجلس، ولم يكن ذلك الانتقاد قاسياً، بقدر ما كان في حدود "ما يمكن تجرعه" عند السلطة أو إمكانيات حدود الحرية عند الصحف الخمس اليومية في ذلك الزمن، اقترح علينا "أبو عمر" أن نغير قليلاً من نهج كتاباتنا، لربما القراء ملوا من السياسة وأسنها، فلماذا لا نكتب مثلاً عن قضايا خفيفة مثل الطبخ وغيرها.
يوسف النصف، الذي عمل وزيراً لمدة عشرة أيام، على ما أذكر، في الثمانينيات، قد يكون أول من اكتشف مقولة "غطيني يا صفية" المنسوبة لسعد زغلول، بعد أن يئس من تغيير الحال في مصر ذلك الوقت، لهذا لم يطل المقام عند "أبو عمر" في الوزارة، بعد أن أدرك البئر وغطاءها في العمل الوزاري على الطريقة الكويتية أو الخليجية أو العربية (كله صابون).
لا جدوى مما يكتب أو يتم تناقله في "تويتر"، وغيرها من وسائل التواصل، طالما لا يمكن أن نؤشر مباشرة إلى المسؤول عن الحال المتردي، لذلك لابد من البحث عن الغير، أياً كان مقامه، الذي يستطيع امتصاص النقد وتحمله، هو كبش الفداء أو قد تكون له مصلحة في البقاء مرضياً عنه في إمارة من "سبق لبق".
هذا لا يعني أن من يعارض هو من يملك مفتاح الحل لأزمات مستعصية في النظام السياسي، فليس لدينا أحزاب ولا برامج عمل يمكن لهذه الأحزاب أن تشكل الوزارة وتحاسب، ويمكن أن تقدم مشروعاً نهضوياً ينتشل البلد من هذا الحال، هناك اجتهادات من تجمعات سياسية مثل حركة حدس والمنبر الديمقراطي والتجمع التقدمي، لكن حتى هذه قدراتها على خلق التغيير الجذري بالدولة محدودة بفضل قوانين منع الأحزاب ولتدني الوعي السياسي بالعمل الحزبي عند الكثيرين، فالشيوخ دائماً أبخص، على ما تقول عاداتنا وتقاليدنا أو كما يريدوننا أن نؤمن دون جدل.
ما العمل؟ الله أعلم، لعل أفضل ما يمكن عمله الآن للكاتب هنا اتباع نصيحة "أبو عمر"... فالمجبوس يحضر بطريقتين أولاً "تفوح اللحم وتضع البهارات اللازمة... إلخ، ثم يجبس اللحم فوق الرز، أي يكبس على بطونكم وعقولكم، أما الطريقة الثانية فهي غير قابلة للنشر ببركة الرقيب الذاتي وسيف السلطة.
تعليقات