‫د.فيصل الشريفي: المدركات العلمية لخريج الثانوي تعادل السابع المتوسط‬

زاوية الكتاب

كتب د. فيصل الشريفي 521 مشاهدات 0


رغم إنفاق الحكومة السخي على التعليم فإنها حسنًا فعلت بكشفها عن واقع التعليم الذي تمر فيه دولة الكويت من خلال إقرارها بتراجع جودة مخرجات التعليم الثانوي، والذي قدر بـ4.8 أعوام، مما يضعها أمام مسؤولياتها في وضع خطة متكاملة تعالج اختلالات التعليم على مستوى المناهج والهيئة التدريسية والبيئة المدرسية. قد تكون جائحة كورونا قد زادت تراجع مستوى التعليم على كل الصعد، لكنها لم تكن السبب الوحيد في ذلك التراجع، فقد سبق أن أقرت الحكومة وفي أكثر من مناسبة بتراجع مؤشرات الأداء في المنظومة التعليمية، لكنها اليوم وبهذا التصريح الصريح قد دقت ناقوس الخطر.

اليوم وبعد فصل وزارة التربية عن التعليم العالي كبداية لتخفيف الأعباء الوظيفية فسحت المجال لوزير التربية في معالجة هذا الملف الحيوي الذي كشف بكل شفافية عما يعانيه خريج الثانوي من ضعف لمؤهلاته العلمية والمعرفية والمهارية.

هناك خمسة عوامل على العاملين في الحقل التعليمي والمختصين دراستها لتحديد أوجه القصور وإيجاد خطة وبرنامج وطني لتصويب التعليم ورفع مؤشرات الجودة. 

هذه العوامل الخمسة تدور في فلك المناهج والمعلم والطالب والبيئة المدرسية والأسرة كونها الركائز الأساسية التي من شأنها النهوض بجودة التعليم، سأعرج عليها بشكل موضوعي بعد سماعي وقراءتي للكثير من مداخلات أهل الميدان من أكاديميين وطلبة وأولياء الأمور، ولنبدأ فيها دون ترتيب فكلها في نظري عوامل مهمة تتطلب دراستها وبما يتناسب مع أثرها على جودة التعليم.

أولًا: المناهج الدراسية:

من الواضح أن المناهج الدراسية لم تنجح في رفع المدركات المعرفية والمهارية والتحصيل العلمي فكل من يعمل في الحقل الجامعي والتطبيقي يدرك ضعف مستوى الطالب خريج الثانوي مع الاعتراف بوجود طلبة مميزين لكنهم لا يشكلون السواد الأعظم من الطلبة، ولإصلاح هذا الخلل هناك بعض المقرحات المستحقة مثل قصر الدراسة على المواد الأساسية في المرحلة الابتدائية مع استخدام الصور الإيضاحية كبديل عن التعليم التقليدي كما تفعل اليابان ودولة الإمارات والكثير من الدول المتقدمة في التعليم، ومراجعة مقررات اللغة العربية والإنكليزية بل تغييرها إذا لزم الأمر.

ثانياً: الكوادر التعليمية:

في كل المنتديات والتقارير التي اطلعت عليها تشكو من تدني كفاءة المعلم مع تكرار الأسباب ذاتها، بأن المعلم الكويتي لا يملك المهارات الكافية عند انخراطه في سلك التعليم، وأن البرامج التدريبية التي يتلقاها غير كافية أو أنها غير موجهة بالشكل الصحيح، ناهيك عن ضعف إمكانات نسبة كبيرة من المعلمين الوافدين وتركيز بعضهم على الدروس الخصوصية.

ثالثاً: البيئة المدرسية:

الحديث هنا لا يقتصر على البناء ولكن في جعل البيئة المدرسية بيئة جاذبة من خلال استخدام التكنولوجيا الحديثة وإدخالها ضمن المنظومة التعليمية، وإيجاد مساحات كافية للأنشطة الثقافية والاجتماعية والرياضية والترفيهية لتعزيز القيم الأخلاقية وروح التسامح والعمل التطوعي.

رابعاً، الاهتمام بميول ورغبات الطالب:

علينا الاعتراف بأن هناك فروقا فردية في التحصيل العلمي بين جموع الطلبة وفيهم مبدعون بالجوانب التي تعتمد على المهارات، لكن هذه المجموعة ليس أمامهم أي وسيلة لتنمية قدراتهم، فتجدهم يتعثرون في المواد النظرية، لذلك لابد من خلق مسار آخر لهم من خلال فتح ثانويات فنية ومهنية على غرار المعهد الديني تسمح لهم بتنمية مهاراتهم وتجاري رغباتهم الشخصية، ومن ثم فتح الطريق أمامهم لمواصلة دراستهم في الكليات والمعاهد الفنية.

وعلى الخط ذاته على الإدارات المدرسية معالجة ظاهرة الدروس الخصوصية التي أضرت بالتعليم وأرهقت الأسر مادياً.

خامساً: الأسرة:

تقع على أولياء الأمور الكثير من المسؤوليات تجاه أبنائهم لدورهم المهم في توفير البيئة المناسبة للطالب لكن هذا الدور أحيانا كثيرة يتجاوز المطلوب منه، وذلك من خلال إصرارهم على التدخل بخلاف ميول ورغبات الطالب مما تسبب في زيادة الضغوط النفسية عليهم.

المحصلة من هذا المقال توجيه ولفت الأنظار إلى النقاط الأساسية لمواقع الخلل وإلى النقاط التي تتطلب الدراسة والمعالجة للنهوض بجودة التعليم، مع تمنياتي لمتخذي القرار والقائمين على وزارة التربية بالنجاح والتوفيق.

ودمتم سالمين.

تعليقات

اكتب تعليقك