‫حسن العيسى: كان من المستحيل "تقريباً" كشف ملف صندوق الجيش أو غيره من تجاوزات موجودة ملفاتها عند "نزاهة" لولا اجتهاد وعزيمة المرحوم الكبير‬

زاوية الكتاب

كتب حسن العيسى 756 مشاهدات 0


لا يوجد في سجل الحدث التاريخي كلمتا "لو المصادفة"، أي لو حدث هذا الأمر لما صار الحدث الثاني أو العكس. هناك حدث تحقق، وترتبت عليه نتائج تاريخية، وانتهت الأمور بما انتهت إليه، لكن لنفترض غير ذلك هذه المرة –مجرد افتراض- ونقول -على سبيل المثال- لولا تولي الراحل الشيخ ناصر صباح الأحمد منصب وزير الدفاع ـ في فترة قصيرة- هل كان من الممكن كشف تجاوزات صندوق الجيش ويوروفايتر وقضايا أخرى مثل رشا وابتزاز، سواء في الدفاع أو مؤسسات غير الدفاع، مثل جرائم غسل الأموال الكبرى؟! الإجابة أنه لو كان شخص آخر من الأسرة الحاكمة أو حتى من غيرها، لربما والأرجح أنه سيصمت عن الأمر ويسكت و"يخلي القرعة ترعى"، بحكم المتصور التاريخي في الأعراف الثابتة بالدول المشيخية، والتي تضعف فيها مؤسسات الدولة، وترتخي سُلطة استقلالها، وتخضع لسُلطة الحكم الواحدة مباشرة، أو بطريق غير مباشر، ماذا تكون الإجابة.

كان من المستحيل "تقريباً" كشف ملف صندوق الجيش أو غيره من تجاوزات موجودة ملفاتها عند "نزاهة"، لولا اجتهاد وعزيمة المرحوم الكبير، الذي لاحقها منذ بداياتها، ولم يمهله القدر أن يشهد نتائج جهده.

ومن الظلم الكبير أن يختصر تحرك ناصر الصباح أنه كان بسبب خلافات القصر وتصفية حسابات داخلية، فقد كان بإمكانه –وهو الابن الأكبر للأمير الراحل- أن يصمت، ويصل لما يحلم به أي متطلع للسُّلطة، لكنه كان غير ذلك الصنف من الناس... كان المرحوم صدفة قدر لهذا الوطن.

كذلك ماذا لو لم يصادف وجود شخص عنيد بالحق في مجلس إدارة مؤسسة التأمينات مثل د. فهد الراشد وملاحقته -بمساعدة النيابة العامة فيما بعد- لمدير المؤسسة فهد الرجعان واستغلاله لسُلطاته لكشف ملف الملياردير الهارب؟ كان وجود فهد الراشد في "التأمينات" وحصافته أيضاً صدفة قدر لنا. 

أيضاً يمكن أن نتحدث كثيراً عن حكم الصدف في العديد من أمور الفساد في قضايا الدولة، مثل التحويلات والإيداعات، وصدفة تسريب الشيكات بالأخيرة، كان كشفها تصادف مع وجود النائب السابق فيصل المسلم بالمجلس، وكان فيصل سبباً بفضح ملفاتها، لكن الصدفة هنا لم تخدم فيصل ولم تنصفه كإنسان شجاع أراد خدمة وطنه، بل حكمت عليه بملاحقات ظالمة، حتى وجد نفسه خارج وطنه عاجزاً أن يلقي النظرة الأخيرة على جثمان والدته، رحمها الله.

هل كان من حكم القدر أن توظف الصدف، وهي هنا بمعنى الحدث اللامتوقع حسب المجرى العادي للأمور، في كشف "بعض" قضايا الخراب المستوطن بالدولة؟ أم كان من المفترض أن تجرى الأمور وفق "حكم العدالة وروح القانون" واستقلال مؤسسات الدولة، بدلاً من تركها لحكم الصدف التاريخية؟ فرق كبير بين حكم الصدفة وحكم القانون المجرد ونزاهة واستقلال المؤسسات... تأملوا أين نحن الآن... وماذا نفتقد!

تعليقات

اكتب تعليقك