بدر البحر: نحذر الحكومة بأننا لسنا بمعزل عن العالم فكل ما تقوم به من قرارات سياسية محلية خاطئة هي أمام المجهر الذي راحت تصنفنا مؤسساته في قاع القوائم
زاوية الكتابكتب بدر خالد البحر إبريل 3, 2021, 9:52 م 3368 مشاهدات 0
اذا شبهنا العالم بجمعية تعاونية، بإجمالي مساحته البالغة خمسمئة وعشرة ملايين كيلومتر مربع، اليابسة ثلثه، فنحن «يا دوب» بحجم علبة سردين! ولكن هذه العلبة الصغيرة تداعت لها الأمم لنجدتها قبل واحد وثلاثين عاما، بكلفة، ذكرناها بمقالنا السابق، تفوق واحدا وستين مليار دولار، إضافة لفلذات أكباد تلك الأمم من الضحايا، لأننا دولة نحترم القانون الدولي والتزاماتنا، ولدينا شعب وقيادة متفقان على دستور، وبالرغم من انفراط ذاك الاتفاق قبل الغزو بإنشاء المجلس الوطني، فإن العالم جاءنا لتحريرنا ثم أصدر ما يصادف أمس من عام 1991 قرار 687 لوقف إطلاق النار، لأنه رأى أن القيادة عادت لالتفافها مع الشعب الذي لم ينحرف عنها قيد أنملة.
اليوم سننظر للأزمة بين أغلبية نواب مجلس الأمة ومؤيديهم من الشعب من جانب وبين الحكومة من جانب آخر، ولكن من زاوية خارج علبة السردين حتى نرى أنفسنا بأعين العالم الذي سنتساءل، لا قدر الله، هل سيهب لنجدتنا الغزو القادم؟!
فلو تدارسنا الوضع الجيوسياسي لوجدناه ليس في مصلحتنا هذه المرة كما كان قبل ثلاثة عقود، فروسيا والصين شكلتا جبهة لإبطال قرارات مجلس الأمن التي تمس حلفاءهما باستخدام الفيتو، ومن المعروف أن إيران، كأحد حلفائهما، ما زالت تشكل خطرا تجاه دول الخليج، وبالاخص الكويت، ومنذ الثمانينات التي نحتفظ بإحصائية لعشرات عملياتها الإرهابية آنذاك، أحدها اختطاف طائرة الجابرية وقتل كويتيين، والتي تصادف ذكراها غدا من عام 1988، إرهاب استمر لعقود كان آخره خلية العبدلي التي صدر بشأنها حكم نهائي منذ أربع سنوات وآخر منذ سنتين للمتسترين عليهم.
السعودية أيضا تعرضت للارهاب كتفجيرات الحرم بالثمانينات، ومصافي النفط منذ عامين وأخيرا صواريخ الحوثي، أما الإمارات فاحتلت جزرها، كما قامت بزعزعة أمن البحرين طائفيا، حتى تفاوض بشأنها الرئيس الأميركي الحالي بايدن، عندما كان نائبا لأوباما منذ عشر سنوات.
إذا فنحن بوضع إقليمي غير مطمئن وفي مواجهة حليف أميركي قد يعيد إحياء سياسة حزبه الديموقراطي الأكثر تحالفا مع إيران التي تسيطر على جزء من القرار السياسي العراقي، لنواجه طرفي الكماشة لحدودنا المتاخمة لهما!
رجوعا لوضعنا الداخلي، فإن أي تساؤل نطرحه كشخص بين جموع المواطنين البسطاء والمثقفين المحبطين لوضعنا السياسي، هو أيضا على طاولة أي سياسي أجنبي يراقب ويحلل! فأين هي الديموقراطية الحقيقية؟ وما مفهوم الأقلية أو الأكثرية التي تمثل الشعب في البرلمان؟ وكيف لحكومة أن تكون صاحبة التأثير الأكبر على قرارات البرلمان من التصويت للرئاسة إلى اللجان إلى إسقاط العضوية؟!
إن المحللين السياسيين في العالم سواء بالبرلمانات أو بالغرف المقفلة بمكاتب رؤساء الدول العظمى يطلعون، كما نحن هنا، على كل ما يدور في وسائل التواصل، سواء عما يتداول من دفع مبالغ ومنح رخص تجارية وأراض لكسب ولاءات نواب، التي الى الآن لم تؤكدها الحكومة او تنفها، أو ما يثار عن سرقات المال العام وغسل الاموال المتورط بها موظفون حكوميون كبار، أو ما قيل باحدى الصحف عن تهريب اموال في حسابات اجنبية، جعلت رؤساء حكومات دول أخرى في حالات مشابهة يستقيلون بسببها. أما الأكثر حساسية على قرارات الدول العظمى فهو كبت الحريات والمسجونون والمهجرون! وهو ما لاحظنا الإشارة إليه بخطابات الرؤساء عند انتقادهم لسياسية الدولة التي يريدون التغيير فيها.
ولذلك نحذر الحكومة بأننا لسنا بمعزل عن العالم، فكل ما تقوم به من قرارات سياسية محلية خاطئة هي أمام المجهر الذي راحت تصنفنا مؤسساته في قاع القوائم مما سيؤثر في تحالفاتنا، كتراجعنا بمؤشر مدركات الفساد، كالتي استاء منها رئيس الوزراء السابق منذ أربعة أعوام، والتي ما زلنا نتراجع في ذيلها، بينما هي أحد المعايير المؤثرة في قرارات رؤساء الدول العظمى إذا ما تعرض استقرارنا لأي هزة، لأنها تراقبنا.
***
إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان.
تعليقات