‫عبدالعزيز الفضلي: السياسة عالم متّسخ لا يكاد يدخله أحد إلا ويصيبه شيء من دنسها أو أذاها سواء كان برلمانياً أو ناشطاً أو إعلامياً‬

زاوية الكتاب

كتب عبدالعزيز الفضلي 583 مشاهدات 0


السياسة عالم متّسخ، لا يكاد يدخله أحد، إلا ويصيبه شيء من دنسها أو أذاها، سواء كان برلمانياً أو ناشطاً أو إعلامياً.

ومن دخل عالم السياسة وهو يريد الإصلاح، فليكن في يقينه بأنه سيُواجَه بخصوم فاسدين شرسين فاجرين في خصومتهم.

وأن هؤلاء المفسدين لن يتورّعوا عن استخدام كل الوسائل المتاحة من أجل إقصائه عن طريقهم.

لأنهم يعتبرونه خطراً يهدّد مصالحهم، وحجر عثرة يقف في طريقهم.

لذلك غالباً ما يبدأ هؤلاء المفسدون في استخدام أسلوب الترغيب مع من رفع راية الإصلاح، فيعرضون عليه الأموال أو المناصب أو ممارسات غير أخلاقية، فإذا وقع في شِراك حبالهم، ربطوه بها، وجعلوه بين أمرين إما أن يغادر الحياة السياسية وينزاح عن طريقهم، وإما أن يُصبح مطيّة لهم، لاهثا وراء عطاياهم، فيجعلونه خادماً لمشروعهم، وبوقاً للدفاع عنهم.

وكم رأينا من أشخاص سقطوا في هذا الاختبار، فأصبحوا أذناباً في الباطل، بعد أن كانوا رؤوساً في محاربة الفساد! وإذا اجتاز السياسي المُصْلِح اختبار الترغيب، فإنه لن يسلم من اختبار الترهيب.

إذ ستُسْتَخْدَم ضده كل أدوات الترهيب، من التهديد في نفسه أو أهله أو وظيفته، أو مستقبله أو حريته.

وستُسَلّط عليه الوحوش البشرية، والأبواق الإعلامية، لتشويه سمعته، والطعن في عرضه، والتشكيك في ذمّته المالية، وإثارة الأكاذيب والإشاعات حول أخلاقه وسلوكه، من أجل تشكيك الناس به، وصرفهم عن تصديقه أو الدفاع عنه أو الوقوف بجانبه! لذلك وجب على من يدخل عالم السياسة من أجل الإصلاح، أن يوطّن نفسه على تحمل الأذى، وأن يدرك أن هذا الطريق مزروع بالأشواك لا الورود.

وأن يتذكّر أن هذا الطريق لا يسلكه إلا أصحاب القلوب الشجاعة، والنفوس العزيزة، والهمة العالية، وأهل التضحيات.

والذين هم على استعداد للتضحية بمصالحهم ومكانتهم ومستقبلهم وسمعتهم، من أجل المصلحة العامة.

وغالباً لا يصنع أمجاد الدول، إلا هذه النوعية من الرموز.

وعلى هؤلاء المصلحين أن يستعينوا بالله تعالى، ويسألوه الصبر والثبات حتى يتحقّق ما يرجونه من إصلاحات.

وأدعو كل مخلص من هؤلاء إلى عدم ترك الساحة للمفسدين، وكما قال رئيس الوزراء التركي السابق نجم الدين أربكان رحمه الله: «المسلمون الذين لا يهتمون بالسياسة، يحكمهم سياسيون لا يهتمون بالإسلام».

كذلك نقول: بأن المصلحين الذين لا يهتمون بالسياسة، سيحكمهم سياسيون لا يهتمون بالإصلاح.

تعليقات

اكتب تعليقك