‫حسن العيسى: الغضب "التويتري" لاستدعاء أحمد السعدون هو تعبير عن مشاعر اليأس في حيادية التطبيق (التنفيذ) الفعلي لحكم القانون فهم (المعترضين) صدقوا هذا الوهم عن القانون وحياده‬

زاوية الكتاب

كتب حسن العيسى 635 مشاهدات 0


لماذا الغضب المحصور بإعلام "تويتر" على إحالة شخص بقامة أحمد السعدون، بتاريخه العريض في معارك الديمقراطية، إلى النيابة العامة، بزعم مخالفة أوامر حظر التجمع، فالقانون بفرض تجريده وحياده لا يعرف صغيراً ولا كبيراً، وليس على رأس رئيس المجلس سابقاً ريشة، مثلما نقول بالوقت ذاته إنه ليس على رأس شيخ أو متنفذ تاج حصانة من حكم القانون! هل نغضب الآن على الانتقائية في تطبيق القانون، كما يردد في "تويتر"؟! الرد المتخيل من السلطة الواحدة يقول: نحن نطبق القانون على الجميع، ولا نستثني أحداً "حتى عيالنا سجناهم". يمكن تقبل هذا الخطاب الدعائي للاستهلاك العام لبعض الوقت، إلا أن هناك تحفظاً عنه حسب التاريخ الحقيقي للدولة "الدستورية".

ما معنى أن يطبق القانون؟ هل يعد مثلاً صدور حكم قضائي ضد شخصية نافذة كافياً لنتذرع بحيادية التطبيق، ولو حدثت فيه "أخطاء" حصنت هذا المتهم من العقوبة؟ هل يكفي أن تصدر النيابة أو القضاء أوامر بالقبض على متهمين هاربين في قضايا اختلاسات وفساد رهيبة، ولا يمكن تنفيذها بسبب عذر هروب المتهم لدولة ترفض قوانينها تطبيق أحكام القانون الكويتي، لأنه ربما "يتعارض مع النظام العام" بشأن حقوق الاتهام، أو "ربما" في الحالة هذه لا يمكن "تطبيق القانون" لأنه لا توجد جدية في ملاحقة القضية من السلطة، فهذا المتهم إن قبض عليه وأحضر للكويت فسيفضح الكثيرين من أهل أكبرها وأسمنها، وننتهي آخر الأمر بقناعة "مفيش فايدة يا صفية"؟

فكرة تطبيق القانون بعدالة وإنصاف كقواعد عامة مجردة ملزمة لا مكان لها في الدولة العشائرية، التي يحكمها ويهيمن على مقدراتها أفراد من عائلة معينة، ليس لسلطانهم حدود، ولو ادعى خطابها الإعلامي الرسمي غير ذلك، وأيضاً –للمفارقة- يتحد مع هذا الخطاب الرسمي تبريرات المعارضين المتشدقين بعمق التاريخ الديمقراطي الدستوري للدولة، وكأن هؤلاء المعارضين المؤدبين يتحدثون عن سابقة وثيقة الماغنا كارتا أو شعارات الثورة الفرنسية.

الغضب "التويتري" لاستدعاء أحمد السعدون هو تعبير عن مشاعر اليأس في حيادية التطبيق (التنفيذ) الفعلي لحكم القانون، فهم (المعترضين) صدقوا هذا الوهم عن القانون وحياده... إلخ إلخ. 

الغاضبون يقولون: لماذا كبار المتهمين بسرقات المال العام هربوا بسهولة ويسر؟ ولماذا غير المتهمين من المشهود بفسادهم التاريخي لم يتهموا بداية، وجلسوا في بيوتهم وقصورهم بأوروبا يتمتعون بالملايين الحرام؟ ولماذا كانت هناك دائماً مخارج قانونية للمتهمين، ومخارج لامبالاة وصهينة عن الاتهام لغير المتهمين؟ الرفض لاستدعاء السعدون، شكلياً، لا مبرر له، وواقعياً له كل المبررات.

تعليقات

اكتب تعليقك