‫عبداللطيف بن نخي: المدانين في مقترحات العفو المتداولة اليوم أولى بالعفو من الذين شملهم العفو بعد التحرير لأنهم كويتيون «أهلنا» ولكون الجرائم التي دِينوا بها أقل بشاعة‬

زاوية الكتاب

كتب د. عبد اللطيف بن نخي 808 مشاهدات 0


يتميّز الدكتور غانم النجّار عن زملائه أساتذة العلوم السياسية في جامعة الكويت، بخبرته العريقة وارتباطه الوثيق بقضايا ومنظمات حقوق الإنسان.

فهو خبير دولي معتمد لدى منظمات دولية، وحاز جوائز دولية في مجال الحقوق من بينها «جائزة المراقب الدولي» من منظمة «هيومن رايتس ووتش».

باختصار، الدكتور أحد النشطاء المعتبرين في مجال حقوق الإنسان على المستوى المحلي والعربي والعالمي، وآراؤه وأطروحاته السياسية غالباً ما تتميّز بقدر عالٍ من المهنية المتحرّرة من أهواء الاصطفافات السياسية.

من خلال مشاركته في برنامج حواري تلفزيوني قبل أسبوعين، طرح الدكتور رأياً علميّاً موضوعياً في شأن مشروع العفو الشامل، يرتكز على قاعدتين.

تنص الأولى على أن مشروع العفو يجب أن يشمل جميع الشرائح المطروحة في مقترحات العفو المتداولة، إن أريد لهذا المشروع أن يكون وطنيّاً يحقّق الاستقرار السياسي المنشود.

والقاعدة الثانية هي أن سجلّ دولة الكويت يزخر بسوابق عفو عن جرائم «يشيب لها الرأس» - وفق تعبير الدكتور - تفوق في جسامتها على الجرائم المشمولة في مقترحات العفو المتداولة في الساحة.

ومن باب المثال، استذكر الدكتور أحد مشاريع العفو الضخمة في تاريخ الكويت، وهو العفو - بدرجات متفاوتة - عن مجرمي الغزو الصدّامي والمتعاونين معهم، الذين كانوا قد دِينوا في محاكم كويتية ابان فترة الأحكام العرفية. حيث أصدر الحاكم العرفي آنذاك المغفور له سمو الأمير الأسبق الشيخ سعد العبدالله قراراً - بعد أقل من أربعة أشهر من التحرير - تضمّن استبدال جميع أحكام الإعدام التي صدرت من المحاكم العرفية بالحبس المؤبّد، وتخفيض كبير في عدد سنوات حبس المدانين، والإفراج عن الكثير من المدانين بالتعاون مع الغزاة وترحيلهم إلى أوطانهم مع تحصين حقوقهم في ممتلكاتهم بالكويت.

الشاهد أن المدانين في مقترحات العفو المتداولة اليوم أولى بالعفو من الذين شملهم العفو بعد التحرير، لأنهم كويتيون «أهلنا»، ولكون الجرائم التي دِينوا بها أقل بشاعة.

الرأي الموضوعي الوطني الذي طرحه الدكتور لم يلق رواجاً في المجتمع، لأننا في الكويت نعاني من سطوة تكتّلات سياسية تمتلك منظومات إعلامية جبّارة امتهنت تضليل الشارع وهندسة الرأي العام لصالح أجنداتها، من خلال تزييف الوقائع وحجب الحقائق وتحريف المبادئ وتبديل الموازين.

وهذه التكتّلات ما زالت مصرّة على أن يكون العفو الشامل انتقائياً نواته العفو عن مداني اقتحام المجلس، بحجة أن قضيتهم سياسية وأن دوافعهم كانت إصلاحية. وهؤلاء ما زالوا متشبّثين بالحجة الواهية ذاتها حتى بعد اطّلاعنا على الإدانة العالمية الواسعة لحادثة اقتحام مشابهة، اقتحام الكونغرس الأميركي، التي أُعتبر فيها المقتحمون متمردين على النظام العام، ومجرمين تمت ملاحقتهم أمنياً وقضائياً من قبل الأجهزة الحكومية المعنية بمساندة من الشعب.

مقال اليوم ليس دعوة إلى حرمان المدانين في قضية اقتحام المجلس من حقّهم في العفو الشامل، ولكنه منار لكشف قبح الجهود الساعية إلى جعل مشروع العفو انتقائياً، وفضح زيف المبررات الداعية إلى حظر العفو عن مداني قضية العبدلي.

وكذلك مقال اليوم ليس دعوة لمنح العفو الشامل لمداني قضية العبدلي، ولكنه صرخة في وجه النوّاب الذين يسعون ويساهمون في استعادة مرحلة الانتقائية في الحقوق والواجبات العامة، حين كانت بعض التكتلات السياسية تبرّر لنفسها تنظيم حملات لجمع تبرّعات لتمويل شراء صواريخ حرارية لدعم الحراك في إحدى الدول، وفي الوقت ذاته كانت هذه التكتّلات تطالب بحبس من كان يتعاطف بتغريداته مع الحراك في دولة أخرى.

مقال اليوم دعوة إلى التصدّي لمشاريع النوّاب المقنّعين بالوطنية الحريصين على تمرير مشاريع ترسخ التمييز الفئوي...

«اللهمّ أرنا الحقّ حقاً وارزقنا 

تعليقات

اكتب تعليقك