خالد الطراح: الحياة ليست صخرية المظهر ولا هي مفزعة الملامح وثقيلة الوزن وإنما هكذا تبدو الحياة لمن اختار أن يكون أسيراً للماضي
زاوية الكتابكتب خالد الطراح فبراير 2, 2021, 10:38 م 384 مشاهدات 0
تنحو كثيراً الذاكرة البشرية الى الاختصار والاختزال لطي صفحات من الماضي وأضوائه بانتقائية شديدة بغية استقبال وهج الأمل والمنال، الممكن منه والصعب وجدانياً وذهنياً ومجتمعياً.
فالمنال الصعب لا يمكن تعريفه ضمن قالب معين، حيث تختلف المعاني وكذا التعريف الجامع للأهداف والتطلعات والطموحات والاحتياجات المشروعة، حيث ان الظروف الاجتماعية والنفسية تتحكم حينا بنا وحولنا، كحال التقاليد والعادات المتراكمة والمعقد منها حينا اخر.
هكذا الحياة تبحر بنا في اتجاهات شتى نحو جروح الماضي ودروسه، وأماني المستقبل وتحدياته واشراقاته، فالتنازلات تصبح حتمية مقابل البقاء بعيداً عما هو صعب المنال وعكسه اجتماعياً وليس إرادياً، فكثيرا ما نوافق على مبدأ القبول حتى لا نفقد بريق الأمل.
تهوي أحلام مشروعة وجميلة في اتون الممنوع والمسموح كأي ضحايا أخرى، وتتوه أيضا آمالنا بين الحيرة وليس الاختبار، فالعقول والقلوب تحتمل الصواب والخطأ حتى لو حاصرتها عتمة الزمان.
لا يمكن الجزم في خواطرنا والتسليم فيها، وإن حدث غير ذلك، فالعقل الباطن يتحرك ضد الإرادة الذاتية، فمهمة هذا العقل الاختزان وليس الاختيار والغربلة للأفكار والمراد المنشود قيمة وغايةً.
تنمو عادة الافكار والمشاعر على نحو غير واعٍ، فبلوغ الاعتقاد الصائب واليقين الفردي والجماعي، ليس رحلة مترفة وخصبة كما نشاء، بل تلعب عوامل ومصادر غامضة أو هكذا لا تبدو بوضوح للبعض في السلوك والتفكير البشري والمنعطفات الوجدانية.
ما أشد الأحاسيس الصادقة على الإنسان نفسه حين تكون زلزالية المنشأ، وما أجمل الأشجان مقارنة مع الأفراح المصطنعة والآلام ذات الطبيعة الكونية، فالحياة ليست مأوى فقط لازدهار السعادة، بل هي مأوى للشقاء والشّجن.
فثمة طبقات ومراحل لآهات الليالي وعتمة الزمان وانحسار الأمل والحب وعذاب الافئدة، حيث لا مكان محددا نجد فيه رغباتنا البشرية والمشروع منها والمحظور أيضا، فهناك طموحات مؤقتة وعذابات طارئة، مركبة على هيئة كلمات أو أصوات أو صور تجعل الأيام الكئيبة شكلاً ووهماً.
إن الحياة ليست صخرية المظهر ولا هي مفزعة الملامح وثقيلة الوزن، وإنما هكذا تبدو الحياة لمن اختار أن يكون أسيراً للماضي، وكأننا امام محاكمة عقلية لنفس الذات البشرية في العيش بين القضبان الابدي!
قسوة، شديدة القسوة ألا تكون انسانا مهما تعاظمت الصعاب والصدمات، فالإنسان نفسه يصور الحياة قاسية ويضخمها، كلما اخترقت الصدور الأوهام، لكن الحياة جميلة، حينما تتجدد اكتشافاتنا لما هو رائع المنال حتى لو كان سرابا.
تعليقات