‫غانم النجار: لا يمكن تحريك العجلة الاقتصادية بالبلد والأرض مملوكة ملكية عامة بهذا الحجم بكل ما يعنيه توزيع الأراضي كحق انتفاع من شبهات سياسية‬

زاوية الكتاب

كتب غانم النجار 387 مشاهدات 0


حكاية الأرض في الكويت واستخداماتها، وملكيتها، حكاية قلَّما يوجد لها شبيه بين الدول، ولم تُروَ كما يجب، فالأرض أساس كل نهضة، وتنمية، وحركة الأعمال، وسكن البشر. الناس لا يطيرون ولا يعيشون تحت البحر، بل على الأرض، ولها يعمرون، ومن أكثر الأمور المعوقة لأي حركة إلى الأمام عندنا هو استخدام الأرض.

على مستوى الجغرافيا السياسية، والحدود الدولية، كانت مساحة الكويت قرابة 48 ألف كلم مربع، أي بخسارة ما يقارب ثلثي مساحتها الحالية، بموجب الاتفاقية الأنجلو تركية عام 1913، وهي اتفاقية فيها ما فيها من التعقيدات، أقلها أنها لم توقع بشكل نهائي.

في سنة 1952 ارتفع دخل النفط من 4 ملايين إلى 60 مليون جنيه إسترليني دفعة واحدة؛ فكان التفكير في خطة تنمية، وكانت تكلفتها 18 مليون جنيه إسترليني، صممها استشاري إنكليزي بتصوير جوي، مستلهماً الطرق الدائرية بلندن، إلا أن ذلك لم يكن ملائماً للكويت، حيث إن الدائري الأول لا تكتمل دائريته فيقطعه البحر.

لتنفيذ خطة التنمية، وهي ربما الخطة الوحيدة التي تم تنفيذها، تم استحداث مناطق جديدة، وكانت بالحروف، فكيفان منطقة ميم، والدسمة منطقة واو، والشويخ منطقة ب، وغير ذلك، إلى أن تم اعتماد الأسماء المعروفة حالياً التي تغير بعضها مثل النزهة وكانت الحديقة، وكان فيها مطار الكويت، أو العديلية الشرقية والغربية اللتين أصبحتا العديلية وقرطبة.

حتى قبل 1954، كانت الملكية الخاصة قليلة، فإن أراد شخص الحصول على أرض خارج المناطق المأهولة، يذهب إلى شيخ معتمد ويسلمه سند هبة، وقلة من الناس يسجلونها بالبلدية لتصدر بها وثيقة ملكية، أو "طابو"، لأن رسوم التسجيل كانت روبيتين، وتعتبران مبلغاً كبيراً على قطعة أرض.

لتنفيذ خطة التنمية كان لابد من خروج الناس من مساكنهم، إلى المناطق الجديدة، فكان أن قاوم بعض الأهالي، فتم استحداث سياسة التثمين لزيادة الترغيب.

كانت بداية الخمسينيات هي مرحلة التحول الاقتصادي والسياسي والاجتماعي الرئيسة، وكل ما تم بعد ذلك مجرد تفاصيل لذلك السياق ولتلك السردية.

وعلى أثر ذلك زادت الادعاءات بملكية الأراضي، حتى أن أحدهم ادعى أن ملكيته يحدها الفضاء شمالاً، وعليكم الحساب.

تدخل الشيخ عبدالله السالم ليعتمد "خط التنظيم العام" حداً للملكية الخاصة، وليصدر قراراً عبر اللجنة التنفيذية العليا بذلك سنة 1954، إلا أنه لم يتم الالتزام، فعاد ليصدر مرسوماً باسمه نشرته "الكويت اليوم" الجريدة الرسمية سنة 1956، ولتصبح بجرة قلم 97 في المئة من مساحة الكويت، أراضي أميرية، أي أملاك دولة.

خلاصة القول: لا يمكن تحريك العجلة الاقتصادية بالبلد، والأرض مملوكة ملكية عامة بهذا الحجم، بكل ما يعنيه توزيع الأراضي كحق انتفاع من شبهات سياسية، ولذا صار لابد من تحرير الأرض لكي تستقيم الأمور. وللحديث بقية.

تعليقات

اكتب تعليقك