مبارك العبدالهادي: إن استمرار الأفكار المسمومة والعنصرية البغيضة والإرهاب الفكري من بعض الذين أصبحوا خارج حسابات الإنسانية سينذر بعواقب أكثر سوءا
زاوية الكتابكتب مبارك العبدالهادي يناير 21, 2021, 10:59 م 436 مشاهدات 0
شتان ما بين "بدون" و"بدون"، فهناك فرق بين من هو "بدون" أخلاق وكرامة وعزة، ومن حُرم من حق المواطنة المتأصلة فيه، وشتان ما بين من هو "بدون" إنسانية ومن يحمل في قلبه الإنسان، وشتان ما بين حرامي وآخر يبحث عن لقمة عيش كريمة.
هذه الكلمة المتشعبة الأوصاف أصبحت وصفا يحمل معه معاناة طال أمدها، فمهما كان وضعها بين السطور فسيكون لها وقع مختلف وواقع مؤلم وتفسير مزدوج وصفة تسطر حروفها بأقسى ما تحمله من معان تتطابق اليوم مع صرخات استغاثة لا تجد من يلتفت لها سوى ردات فعل خجولة ووقتية، وتنتهي بانتهاء يومها الحافل بصدمات أو أحداث غير متوقعة.
إلى متى بدون؟
هذا السؤال الذي يطرحه العديد من الأبرياء الذين قست الحياة عليهم كثيرا إجابته في علم الغيب، لأن خريطة الطريق لاتزال في علم المجهول، فهي أمام إلزامية الانتماء إلى الآخر حتى تستطيع الحصول على بطاقة التأهل لتصفيات اللا نهاية، رغم التعهدات بأوهام وأحلام يعتقد البعض أنها الوسيلة الوحيدة للاستقرار، لكنهم يجهلون حقيقة الأمر.
"بدون" هناك من يتعمد القذف بها للاستفزاز والتلاعب بمن أمامهم، ولكن لا يدركون أن هذه الكلمة أصبحت انعكاساً لحقيقتهم ومبادئهم وأفلامهم وأساليبهم وألاعيبهم، ولا يعلمون أن من يحاولون ابتزازهم بهذه الكلمة أنقى وأسمى منهم كثيرا.
وهناك من ينادي بالحلول ووضع العلاج على طاولة الحوار بعد كل حادثة يدفع ثمنها شخص ضاق ذرعا بسبب ظروف كانت أكبر من دفعه لإيجار منزله وتوفير قوت أسرته وشراء ثياب لأطفاله وعلاج يداوي جراحه، ورداء يستر به جسده المنهك.
أين الحلول؟ وأين أولئك الذين يتاجرون في قضايا الآخرين لإبراز دورهم الإنساني الذي يخرج في أوقات تكون كل الملفات الأخرى في دائرة مغلقة، ولا يجدون أمامهم سوى هذه القضية المستحقة للحديث عنها بشجون لكنها سرعان ما تتلاشى مع الأيام لأنهم وجدوا ضالتهم في قضية أخرى يدغدغون بها مشاعر الجمهور؟
إن استمرار الأفكار المسمومة والعنصرية البغيضة والإرهاب الفكري من بعض الذين أصبحوا خارج حسابات الإنسانية سينذر بعواقب أكثر سوءا، وازدراء لحقوق بشر ليس لهم ذنب سوى أنهم خرجوا إلى الحياة بلا هوية.
إلى متى ستنزف دماء الأبرياء الذين انتهت بهم خيوط الأمل إلى الهاوية والضياع، ودموع لن تجف بسبب ذكريات أليمة وأطفال يتامى وأم تبددت أحلامها وتحولت إلى حرقة وصرخات ونيران تثور في جسدها الضعيف؟
وفي الختام لن تستطيع التبرع لشقيقك أو شقيقتك المريضة بدمك مادمت خارج أسوار التجديد، فقد تلجأ للآخر لإنقاذ ما يمكن إنقاذه لكنك ستظل محروماً ما لم يكن دمك قانونيا لأننا نعيش في زمن الإنسانية.
تعليقات