نعم نعيش أزمة اخلاقية!
محليات وبرلمانيوليو 10, 2009, منتصف الليل 3884 مشاهدات 0
كذب ونفاق، نصب واحتيال، غش وتزوير، رشوة علنية دون خوف، محسوبيات، معاملات لاتنجز إلا بالواسطة، سرقة للمال العام، عدم الالتزام بالوعود، اختفاء الإخلاص بالعمل، تهرب من المسؤوليات، شتائم وعبارات سيئة تنهال متتابعة دون توقف وأعصاب تنهار عند أي خلاف بسيط، وعدم احترام للكبير ولاعطف من كبير على صغير، والاعتماد على الخدم بتربية الأبناء، كل هذه أمور تجعلك تفضل عدم التعامل مع بعض البشر.. وكل هذه أيضا مؤشرات تدل على الأزمة الأخلاقية التي نعيشها اليوم ونجد حجمها يكبر وتتضح صورتها أمام الملأ وتنقل في الصحف التي تعتبرها مادة دسمة ومثيرة للجدل على صفحاتها ويبحث عنها أصحاب البرامج التلفزيونية لجذب أكبر عدد من المشاهدين، وهي أكبر دليل على تردي الوضع، ولابد أن نعي فعلا أننا نعيش أزمة أخلاقية لابد من محاولة علاجها حتى لا تنتشر كالوباء ويتربى الأبناء على وجودها بكثرة وتصبح أمورا معتادة مستقبلا.
لقد كانت هذه السلوكيات السلبيات من الأمور النادرة جدا في زمن أجدادنا قديما، مما يكشف أن الوضع البيئي والتطورات الحاصلة وكثرة أعداد الناس مع وجود الاختلال في التركيبة السكانية وعدم اهتمام الأسر على التنشئة الصحيحة بتعويد الأبناء على الأخلاقيات الحسنة بالإضافة لعدم وجود مناهج تحث على السلوكيات الإيجابية وتبين مخاطر الأزمة الأخلاقية التي نعيشها، وعوامل كثيرة ساهمت بهذا الأمر، وأحداث غريبة تضعف الكيان البشري أمام الكثير من المواقف وخاصة المادي منها.
كما أن القانون في الكويت لا هيبة له وليس له أي أهمية لدى البعض، فبات المجرم لا يعاقب عند السرقة وأحيانا يبحث عن كبش فداء ليقع مكان السارق، وهي من أحد الأسباب المهمة التي تجعل الكثير يتجرأ بعمل ما يشاء في عمله أو في الشارع أوفي أي مكان لأنه أمن العقوبة فأساء الأدب، والغريب تجده يحترم القانون في بلد غير بلده لمعرفته بأن هناك عقابا ينتظره إذا تجاوز حدوده في السلوك .. إذن لماذا لا يتخذ طريقا واحد و هو الأصح وينشر مفهوم مراقبة الذات والخوف ممن خلقه دون انتظار قانون يجبره على تحسين سلوكه.
نحن اليوم بحاجة لتوعية الناس إعلاميا عن طريق التلفاز والصحف وغيرها، وأيضا اجتماعيا من خلال الأسرة والمدرسة بمفاهيم أخلاقية صحيحة، بعد أن كانت فخرا لأجدادنا يحثوننا عليها ويورثونها لأبنائهم مباشرة، من خلال مواقف وسلوكيات يتم التعامل بها كالدواوين مثلا التي كانت بمثابة منتديات ينهل منها الابن علوم الرجال، وليس مثل أغلب الدواوين اليوم التي لاتسمع منها سوى اصوات الصراخ بالنقاشات العقيمة أو لعب 'الجنجفة'.
اللالتزام الديني، الأخلاق الحميدة كالأمانة والوفاء والإخلاص، النظام، الاحترام، الكرم والإيثار، كل هذه المثل ستصبح بضائع نادرة وستختفي من سوق المجتمع الكويتي إن لم نتدارك أنفسنا بوضع الحلول المناسبة، وحث الأبناء عليها من كل صوب يذهبون إليه، فنحن بحاجة لنشر السلوكيات الإيجابية التي كان الأجداد يتميزون بها، واستعادة قيمهم الأخلاقية التي ستقف ضد الأزمة الأخلاقية التي نحيى بها الآن!!
العيب ليس بالزمان كما قال الإمام الشافعي رحمه الله:
نعيب زماننا والعيـب فينـا *** وما لزماننا عيـب سوانـا
ونهجوا ذا الزمان بغير ذنبٍ *** ولو نطق الزمان لنا هجانـا
وليس الذئب يأكل لحم ذئبٍ *** ويأكل بعضنا بعضنا عيانـا
نعم العيب فينا فنحن من تركنا الأمور تسير بعكس الاتجاه ولو كل واحد منا بدأ اصلاح نفسه ومن ثم ببيته وخرج بعد ذلك لينصح الناس ويوجههم بطرق مثلى، لكي يتجنب أذاهم أيضا، لأننا ندرك بأنه من الصعب توجيه الانتقاد لأي شخص بالشارع لأنه سيسفهك أو يشتمك أو قد يصل الأمر الى أكبر من ذلك ويضربك، ولأننا فقدنا الأمل من اصلاح الأخلاق العامة من قبل الحكومة وخاصة الأجهزة الأمنية التي أثبتت تقاعسها بتقبلها للوساطات والمحسوبيات لتقلب الحق الى باطل والباطل الى حق، فلنبدأ من اليوم بإحلال الايجابيات بدلا من السلبيات، لأن الكويت تسحق ذلك وأكثر.
تعليقات