‫خالد الطراح: لقد تغير في العالم كل شيء كل مظاهر الحياة حتى في الأهواء والهوايات والأمزجة والاهتمامات والبيئة الصحية والسلوكيات العامة‬

زاوية الكتاب

كتب خالد الطراح 356 مشاهدات 0


تحل علينا السنة الجديدة 2021 بعد أحداث كئيبة تصدرت المشهد العام في العالمين الغربي والعربي، أثناء الاحتفالات المعتادة في أعياد الميلاد ورأس السنة، فالكنائس باتت من غير حضور كثيف كما هو مألوف كل عام، بسبب إجراءات الوقاية الصحية وما ترتب عن ذلك من قرارات الإغلاق لعواصم ودول كبريطانيا وايطاليا ودول عربية كالكويت، نتيجة تفشي الجائحة كوفيد 19 وولادة سلالة جديدة متحورة أشد فتكاً وانتشاراً لهذا الفيروس القاتل.

لقد تغير في العالم كل شيء، كل مظاهر الحياة حتى في الأهواء والهوايات والأمزجة والاهتمامات والبيئة الصحية والسلوكيات العامة، بل كان عام 2020 حتى أيامه الأخيرة قاسياً على إخوتنا المسيحيين حارماً إياهم من صلوات الأعياد المقدسة، بعد إغلاق معظم الكنائس أبوابها، وفتح أخرى بشكل محدود تحت قيود التباعد الاجتماعي، كما حصل لموسم فريضة الحج في 2020 وصلاة الجماعة في المساجد عند المسلمين في معظم بلدان العالم الاسلامي.

فرضت «كورونا» بسلالته الأولى والجديدة اشتراطات اجتماعية حديثة المنشأ على الجميع من محبي الاحتفال بأعياد الميلاد وعيد رأس السنة الميلادية من مسلمين ومسيحيين ويهود وغيرهم من أصحاب شتى المعتقدات، فقد تبدلت مشاهد البهجة المشتركة المألوفة اجتماعياً في الاحتفالات الساهرة والصاخبة موسيقياً والأسرية في ظل أضواء شجر الكريسماس، ووسط ما تزدان فيه المدن والمساكن والمباني من أضواء مميزة وتشكيلات إبداعية للورود والشموع.

وحين يكون المناخ العام الاجتماعي بهذا الشكل والمظهر، بات العناق وتبادل القبلات والتهاني افتراضياً من خلال احتفاليات افتراضية في معظمها، فليس ثمة خيارات سوى الرضوخ لقوانين كورونا وأخواتها.

وحين أيضاً يُقدر للمشهد العام أن يفرض نفسه بهذا الشكل الكئيب، تتجمد مظاهر الحياة المألوفة والمعتادة.. لا بد للحياة والنفوس والقلوب أن تتجه إلى طريق آخر، وهو التعايش مع وضع اختارنا ولم نختره في وداع عام 2020 واستقبال العام الجديد.

افتقدنا في الأيام الأخيرة والساعات القليلة المتبقية من عام 2020، مظاهر الفرح العامة والاحتفال وتبادل التهاني، وفقدت البشرية احباءً لهم صغاراً وشباباً وكباراً من ضحايا فيروس كورونا، ومن حان موعد قدره المحتوم في شتى بقاع العالم.. فقدنا تقديم واجب العزاء بالحضور الشخصي وكذلك الحال في تقديم التهاني للأزواج الجدد.

لم ينل اجتياح كورونا للعالم من الحب، الذي بلغته القلوب ولا التفاؤل في العقول ولا الأمل في الصدور، فمنابع هوى الاستبشار بعام مشرق واستمرار الحياة لا تسممها الفيروسات.

نعم احسسنا بطعم الخوف حين بلغ الوباء مداه، ولكن تظل إشراقة العام الجديد، عام 2021 نوراً جديداً يبهرنا بأنواره، كاسراً للفزع.. متصدياً لظلام الأوبئة.

اختلفت النظريات والتحليلات والتنبؤات حول مصدر كوفيد 19 واللقاحات المضادة، وقد نختلف مع الكثير منها، وقد نتفق حتى لو قليلاً مع البعض الاخر في الجانبين الواقعي والصحي، لكن لا ينبغي أن يكون ذلك هماً عاماً.

ولأهمية التمسك بالأمل وعدم الانزلاق في فقدانه مع إطلالة العام الجديد، لا بد من التخلص من هموم المؤامرة وصناعتها، التي سادت وتسود الساحة العالمية خلال العام المنصرم، فلا بد لنا كبشر إدراك تصدير الأمل في المحيطين القريب والبعيد من أجل مستقبل مشرق، فالمكبوتات العاطفية والذهنية لها لغة تفاؤل قادرة على علاجها والتصدي لصناعة وهم المؤامرة.

تعليقات

اكتب تعليقك