محمد حسين الدلال: أهل العقل في السلطة وخارجها...«سوء اختيار قيادات في الجهات الحكومية أسهم في ارتفاع اسهم التأزيم البرلماني الحكومي»

زاوية الكتاب

كتب محمد حسين الدلال 295 مشاهدات 0


هذا المقال موجه تحديداً لصاحب القرار في السلطة الحكومية او من كان في موضع المستشار للعقل الحكومي.. لقد مارس هذا العقل الادارة السياسية لشؤون البلاد منذ قيام الدستور بالنهج نفسه والغايات عينها، ولو اختلفت الطرق والاساليب بين عقل وآخر، وانتهت معظم نتائج تلك العقلية الى تراجع عام في الادارة العامة وخلل كبير في التنمية، وبروز ظاهر للفساد، وقصور في تحقيق العدالة الاجتماعية، كشف عنها موقع دولة الكويت في المؤشرات العالمية للفساد والتنمية والادارة المالية والديموقراطية والحوكمة، ناهيك عن الغضب والاحباط والتذمر الآخذ بالازدياد في عقول ومواقف غالبية الشعب، والذي تم التعبير عنه في مناسبات تاريخية عديدة، آخرها نتائج الانتخابات الاخيرة.

من أبرز ملامح عقل السلطة الرغبة بالانفراد في الإدارة وتفوق الحكومة على باقي السلطات، وهو ما يتعارض مع الدعوات الدستورية والشعبية بتحقيق مفهوم المشاركة الحقة، الأمر الذي نتج عنه تغوّل السلطة التنفيذية على باقي السلطات وإضعاف أدوار السلطات الدستورية الأخرى، وخير مثال على ذلك نظام الصوت الواحد الانتخابي، الذي حقق لعقل السلطة التنفيذية الانفراد، ولكنه بالمقابل مزق المجتمع وأضعف وحدته وخلق مجلس أمة بعيداً عن الممارسة والاداء البرلماني السليم.

ان منهجية الانفراد في إدارة الشؤون العامة لدى عقل هذه السلطة خلق لدى هذه العقلية، بإدراك منها او من دون ادراك، نهجاً خطأ أسهم بشكل او بآخر في التراجع الحضاري العام للدولة، فعقلية الانفراد قادت الى سوء وفشل منهجية وآلية اختيار وزراء الحكومات المتعاقبة التي عانت وعانى معها الشعب من عدم الاستقرار وغياب الإنجاز، وعقلية الانفراد كرّست منهجية لا تقل عنها سوءاً ألا وهي ضعف منهجية اختيار معظم القيادات في الدولة، وهو ما انعكس سلبا على الاداء التنموي، وأسهم في تعاظم الفساد أحيانا، كما ان سوء اختيار قيادات في الجهات الحكومية أسهم في ارتفاع اسهم التأزيم البرلماني الحكومي، وامثلة ذلك اكثر من ان تحصى.

ان الكويت في ظل تحديات صنع مستقبل افضل وتحديات التعامل الحكيم مع المخاطر الداخلية والخارجية، فإن الحالة الراهنة والمستقبلية والمتغيرات الاجتماعية السريعة تستوجب من كل الاطراف المعنية بالشأن السياسي والمتفاعلة معه في الساحة الكويتية ان تقف وتقيّم عقلها وتراجع منهجية أعمالها وأدوارها وتسعى الى تطوير منهجيات وآليات العمل نحو أداء رشيد وفعال.. وأول تلك الأطراف عقل السلطة الحكومية باعتبار انه الطرف المؤثر الرئيسي في المسار السياسي، وبيد تلك العقلية مفاتيح من شأنها تعزيز فرص النجاح والتقدم الحضاري، وبيدها ايضا بقاء صور التراجع والانحدار، بل ان الأخطر مما سبق ان تبقى العقلية ومنهجية العمل كما هما من دون تطوير، وقد يؤدي ذلك الى ان تتجاوزهما المتغيرات والتحديات.

ختاماً دعاء صادق لأهل العقل في السلطة وخارجها «رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا».

تعليقات

اكتب تعليقك