حسين الراوي: اجعلوا علاقتكم بالقلم والورقة علاقة عشق علاقة عميقة لا سطحية اكتبوا كثيراً انفثوا هواء الحبر الطهور فوق السطور ولا تبقوا في صدوركم ما يثقلها ويشغل رؤوسكم
زاوية الكتابكتب حسين الراوي ديسمبر 17, 2020, 11:09 م 435 مشاهدات 0
الإنسان - بلا أدنى شك - مُعرّض للعديد من الأمراض البدنية والنفسية، ومعرّض كذلك للعديد من المشكلات المختلفة في المنزل وفي العمل وفي أماكن أُخرى، وكل تلك السلبيات التي يواجهها الإنسان من الطبيعي أن تؤثر عليه سلباً، سواء بشكل يسير أو بشكل كبير، وكلما زادت تلك السلبيات على الإنسان ضعف في مواجهتها وفتر جهده، لذا يصاب البعض بالأمراض السيكوسوماتية التي هي أمراض نفسية جسمية بسبب ضغوط الحياة.
ومن أشكال مكافحة بعض الأمراض ذات الأصل النفساني وأحد طرق علاجها هي الكِتابة!
نعم الكِتابة، حيث أثبتت الكِتابة أنها تساعد كثيراً من بعد مشيئة الله تعالى، في تعافي المصابين بأمراض القلق والاكتئاب والوسواس القهري والصدمات العاطفية والفوبيا ومشاعر الحزن والخسارة، وأنها تعمل أيضاً على تحسين المزاج ومواجهة الجمهور.
وكيف يكون ذلك؟ يكون ذلك بلا شروط وبلا قواعد، فقط يترك الفرد مع الورقة والقلم، ولا يشترط أن يكون ذلك الفرد مثقفاً أو كاتباً أو مؤلفاً، بل يكفيه أن يعرف كيف يمسك القلم ويكتب فوق سطور الورقة ولو بشكل فوضوي، يكتب كل ما يشعر به، وكل أفكاره، وكل ما يصبو له، وكل ما يحتاجه، وكل ما يود أن يفضفض به من كلام احتبس في صدره، فالأهم أن يفرغ الفرد كل طاقته السلبية التي آذته فوق سطور الورقة، وهذا ما أشار إليه العالم النفسي بيربيتوا نيو، في قوله: «الكتابة فعل اعتيادي، والتعود عليه يمنح القدرة على الاستمرار، فاكتبوا كل شيء، كل ما يدور في أذهانكم».
ولا شك أن الاختلاء بالورقة والهدوء النفسي كل هذا أيضاً يسهم كثيراً في راحة البال والاسترخاء الجسدي والروحي لدى من تعاني صحته النفسية من بعض الأمراض.
ويعود فضل اكتشاف التعافي بالكتابة بحسب ما ذكره الكاتب حسن فتحي في بوابة الأهرام، بتاريخ 2/ 7/ 2020، لعالم النفس جيمس بيكر، حيث ذكر الكاتب أنه «في عام 1986 توصل عالم النفس الشهير جيمس بيكر، إلى علاج نفسي جديد مبتكر ومُلهم، بعد أن طلب من مجموعة من الطلاب الكتابة لمدة 15 دقيقة يومياً عن أكبر صدمة أو أصعب وقت مر عليهم، ليكتشف بعد 6 أشهر من الملاحظة أنهم تمتعوا بصحة أفضل، ليبدأ بعدها علم النفس في دراسة العلاقة بين ما يعرف بـالكتابة التعبيرية أو العلاجية».
أما بالنسبة لي ككاتب فلقد كتبت منذ زمن بأن الكِتابة بالنسبة لي هي رئتي الثالثة، التي أتنفس من خلالها أن أحسست بأن رئتيّ أصبحتا لا تسعفاني أن أتنفس بشكل جيد.
لذا أعزائي القراء اجعلوا علاقتكم بالقلم والورقة علاقة عشق، علاقة عميقة لا سطحية، اكتبوا كثيراً، انفثوا هواء الحبر الطهور فوق السطور ولا تبقوا في صدوركم ما يثقلها ويشغل رؤوسكم!
تعليقات