داهم القحطاني: ما يحصل الآن في المشهد السياسي الكويتي من أزمات وصدامات متكررة تسير بالبلد باتجاه عكس سير التنمية والتطور يتشابه تماماً مع منظر الشوارع المزدحمة جداً
زاوية الكتابكتب داهم القحطاني ديسمبر 16, 2020, 8:46 م 331 مشاهدات 0
انفض السامر بفوز مرزوق الغانم برئاسة مجلس الأمة، الذي تسيطر عليه أغلبية معارضة، كان أول وأهم أهدافها تغيير الغانم ومنعه من تقلد منصب الرئيس مرةً أخرى.
المفاجأة الأهم لم تكن في فوز الغانم، رغم العدد الضخم الذي وقف ضده من النواب، ولكن كانت أن خصومه طلبوا منه التعاون معهم في الجلسات المقبلة بعد أن كانوا يعتبرونه خطراً على الإصلاح ويجب عدم تمكينه من الفوز، وهو الخطاب الذي أثار حفيظة كثير من المواطنين، الذين ظلوا لأشهر وهم يسمعون خطاباً يشيطن الآخر، وفجأة صار هذا الآخر رئيساً يمكن التعاون معه!
من غير المهم الآن الحديث عن أسباب فوز مرزوق الغانم، وخسارة النائب بدر الحميدي، ولكن الحديث الأهم يجب أن يتركز حول ضرورة تشكل كتلة برلمانية جديدة في مجلس الأمة، تُعنى بتولي وطرح القضايا الإصلاحية كافة من دون الانغماس في لعبة خلق الأعداء ثم محاربتهم بضراوة لضمان استمرار الشعبية، ليكن اسمها كتلة الإصلاح الكويتي، ولتضم النواب بدر الملا، وأسامة الشاهين، وأسامة المناور، والدكتور حمد روح الدين، وعبدالله جاسم المضف، ومهلهل المضف، وغيرهم.
كل ما يحصل في العمل السياسي والبرلماني في الكويت من تردٍّ واحتقان مردّه ليس وجود شخص محدد على سدة البرلمان، ولكن أسباب ذلك عدم وجود حكومة قادرة على إعداد خطة واضحة لمحاربة الفساد وكل القضايا الأخرى التي تنتج عنه.
أما البرلمان فمهما كانت مخرجات الانتخابات جيدة، يحصل أن تكون هناك مجموعات مختلفة تتحارب سياسياً وانتخابياً ليس من أجل قضايا محددة، بل من أجل كسب الشارع، والاستمرار في التواجد في مجلس الأمة حيث يتركز التأثير والنفوذ.
إذاً المشكلة لا تكمن في شخص طامح سياسياً في مناصب قيادية يتعرض لحروب سياسية طاحنة، ويشن هو حروباً سياسية أخرى على خصومه.
لكن المشكلة الحقيقية، وهي كما يقال أم المشاكل، تتمثل في عدم وجود قانون ينظم العمل السياسي والانتخابي في الكويت.
المستقلون الذين يجيدون الخطب، ويتمتعون بحضور جماهيري، ويفوزون في الانتخابات باسم الإصلاح والوطنية بالتأكيد لا يهمهم إصلاح العمل السياسي، لأنهم لا يريدون أن يفقدوا نجوميتهم وبطولاتهم.
بهذا المعنى يكون من ينادي بالإصلاح المنقوص جزءاً من المشكلة.
ما يحصل الآن في المشهد السياسي الكويتي من أزمات وصدامات متكررة تسير بالبلد باتجاه عكس سير التنمية والتطور يتشابه تماماً مع منظر الشوارع المزدحمة جداً، ومع ذلك نرى سيارات تسير بسرعات جنونية، ومن دون وجود إشارات مرورية تنظم السير، كما قال ذلك ذات مرة النائب السابق، ورئيس مجلس الأمة المبطل الثاني ديسمبر 2012 علي الراشد.
لا نتكلم هنا عن قانون الأحزاب أو الجمعيات السياسية، بل نتحدث عن ضرورة وجود قانون شامل يتم عبره إصلاح العمل السياسي بصورته الأشمل، بما في ذلك إشهار الأحزاب والتيارات السياسية، وتعديل النظام الانتخابي، وإيجاد رخصة للعمل السياسي تعطى لغير المنضمين للأحزاب.
هناك من يكافح الحرائق الصغرى فيستهلك طاقته وجهده وإمكاناته، في حين أن المطلوب وقف المصادر التي تؤدي إلى هذه الحرائق، ولا يحدث ذلك من دون وجود نظام متكامل يتيح أداء المهام المطلوبة من دون مخاطر، هكذا تعلمنا في نظم الأمن والسلامة.. والسياسة.
تعليقات