‫داهم القحطاني: نظام الصوت الواحد الانتخابي سيئ جداً لأنه يسهل عملية وصول فاسدين الى مجلس الأمة، ولأنه حوّل الانتخابات من آلية لإصلاح الشأن العام إلى مجرد صراع بين قبائل ومذاهب وطوائف‬

زاوية الكتاب

كتب داهم القحطاني 354 مشاهدات 0


نظام الصوت الواحد الانتخابي سيئ جداً لأنه يسهل عملية وصول فاسدين الى مجلس الأمة، ولأنه حوّل الانتخابات من آلية لإصلاح الشأن العام عبر طرح أفكار جديدة عدة تعالج الخلل، إلى مجرد صراع بين قبائل ومذاهب وطوائف وأُسر.

ومع ذلك فقد كانت لهذا النظام الانتخابي حسنة وحيدة تتمثل في إتاحة الفرصة للأقليات للمشاركة السياسية الفاعلة عبر وجود فرص فعلية للفوز.

لكن حتى هذه الحسنة الوحيدة تلاشت في انتخابات عام 2020، عندما قرر الجميع المشاركة بعد مقاطعة استمرت منذ انتخابات ديسمبر 2012 المبطلة، وتلاشت تدريجياً إلى أن انتهت هذا العام.

وفق نظام الصوت الواحد إذا لم تكن عازمياً أو مطيرياً أو من التراكمة أو الكنادرة أو العجمان أو الحساوية أو البحارنة أو العتبان أو من أسر الغانم والمضف والرومي.. أو غيرها من التيارات السياسية «الشبعانة» مالياً كالحركة الدستورية الإسلامية، وكالتحالف الوطني الديموقراطي، أو مثيل هذه الأسر والقبائل والطوائف ذات التأثير أو العدد الكبير، فإنك محروم فعلياً من أي فرصة للنجاح في أي انتخابات، إلا إذا كنت ممن يشتري الأصوات الانتخابية أو تُشترى له تلك الأصوات الحرام.

نحن هنا لا نعيب المكونات الاجتماعية التي ذكرناها قبل قليل، فهي مكونات مهمة في المجتمع الكويتي، ومواقف رجالاتها وأبنائها وبناتها مشهودة في خدمة الكويت والدفاع عنها في الماضي والحاضر، ولكننا نريد أن نعرض معاناة الأقليات في الكويت من التهميش والإقصاء في العمل السياسي رغم أن هذه الأقليات في مجموعها تشكل الأغلبية الصامتة كما يقال، التي لن تصمت بعد اليوم.

أنا أُدرك أن المستفيد من النظام الانتخابي لن يسعى الى تغييره، وأدرك أن القبائل والطوائف الكبيرة ليست مهتمة بمعاناة الأقليات من الشعب الكويتي من النظم الانتخابية ذات الطبيعة الاحتكارية، ببساطة لأنها وفي أغلبيتها ترى أن العدد الكبير بالنهاية لابد أن يتحكم بالتأثير السياسي والاجتماعي، وبأن هذا العدد ليس بسبة إنما ميزة يجب أن يقابلها تمثيل مناسب، وإلا اهتزت قواعد الديموقراطية التي تقوم على تسيد الأغلبية.

وأنا أدرك بأن هذا الرأي لا ينطلق من تهميش مقصود للأقليات، ولا ينطلق من نظرة عنصرية للآخر، لكنه وفي مؤداه كما لو يقسم المجتمع للأسف إلى طبقتي أسياد وعبيد، والسيد هنا من لديه قبيلة أو طائفة أو أسرة ضخمة أو لديه تيار سياسي نخبوي مسيطر تحول بفعل الممارسة من مكون سياسي إلى مكون ذي طبيعة طائفية أو قبلية أو مصلحية اقتصادية.

أما العبيد هنا فهم الآخرون الذين ليس لهم سوى مشاهدة هذه المجاميع وهي تتمتع بالفوز، وبحصول أبنائها على فرص سياسية ووظيفية أفضل، في حين تبقى هذه الطبقة على الدوام مهمشة، ولا تحصل إلا على فتات من النفوذ والتأثير.

لهذا كله وبدلا من نشوء حركة شعبية معارضة من هذه الأقليات لهذا الاحتكار البغيض للنظام السياسي في الكويت، وما قد ينتج عن نشوء هذه الحركة من قلاقل سياسية واجتماعية، مطلوب من الحكومة، وهي أداة الحكم في التغيير، بأن تعمل وعلى وجه السرعة لتقديم رؤيتها حول معالجة هذه الإشكالية المتأزمة، بحيث يكون للحكم عبر الحكومة دور فاعل في خلق نظام انتخابي نزيه وعادل لا يظلم الأقليات، ولا يبخس المجاميع الكبرى حقها، وينتج عنه تدريجيا استقرار سياسي يستفيد منه الجميع.

بغير ذلك سنشعر نحن الأقليات بالتهميش، وأن الدولة لا تحمينا ولا تدافع عن حقوقنا، وربما يؤمن بعضنا بأن هذا التهميش موجه لنا متعمداً من هذه المجاميع، وهو الأمر الذي قد يخلق صدامات متعددة تأخذ أشكال الأزمات السياسية والاجتماعية، وربما أعنف من ذلك.

هذه نصيحة أتمنى ألا تمر مرور الكرام.

تعليقات

اكتب تعليقك