داهم القحطاني: نظام الكفيل ونظام اللا كفيل المقترح ليسا سوى وجهين لعملة واحدة فالعبرة ليست بالشكل بل بالتطبيق العادل والنزيه والمتوازن
زاوية الكتابكتب داهم القحطاني نوفمبر 11, 2020, 8:47 م 318 مشاهدات 0
قرار المملكة العربية السعودية بإلغاء نظام الكفيل الذي ينظم العلاقة بين أصحاب العمل والعمال مبادرة جيدة، لكنها غير مفهومة من قبل كثيرين، فهذا الإلغاء لا يعني عدم وجود شروط في النظام الجديد تضمن حق أصحاب العمل في عدم تعريض أعمالهم للخسارة بسبب مزاجية بعض العمال.
نظام اللا كفيل يروجون له بأنه سيضمن حقوق العمال طوال مدة سريان عقودهم، ولن يجعلها عرضة لمزاجية أصحاب العمل، لكن وعند بحث التفاصيل نجد أن نظام اللا كفيل يربط بين موافقة صاحب العمل وبين أي اجراء يتعلق بالعمال، وهو بالمناسبة أمر يتطابق مع نظام الكفيل المطبق حاليا.
النظام السعودي الذي ينظم العلاقة التعاقدية بين أصحاب العمل والعمال لم يصدر بعد، ويتوقع أن يصدر في مارس المقبل، ويتوقع أن يكون مثالا قد يحتذى في باقي دول مجلس التعاون الخليجي، بما فيها الكويت.
لكنه برأيي لن يكون الحل لمشكلة تجارة الإقامات، بل وربما سيفاقمها إن لم يتزامن مع إصداره إصدار ضوابط أخرى صارمة، فتجارة الإقامات قد يتحول مسماها إلى تجارة العقود، وهكذا كأنك يا بوزيد ما غزيت، كما في المقولة التراثية المشهورة.
بعد إلغاء نظام الكفيل ستكون الحكومة هي الكفيل الوحيد للعمال، لكن إصدار رخص العمل والإقامة مرتبط بشكل أساسي بوجود عقد عمل، أي أن أصحاب العمل سيكونون لاعبين رئيسيين كما هم في نظام الكفيل، ولهذا من يعتقد أن إلغاء نظام الكفيل سيضعف من أصحاب العمل، وسيجعل العمالة تنتقل من عمل إلى عمل كما تشاء مخطئ تماما.
نظام اللا كفيل الجديد لن يسمح بقدوم العمال إلا بعد توافر عقد عمل، ولن يسمح بالانتقال من صاحب عمل إلى آخر من دون موافقة صاحب العمل السابق، وبعد مهلة معينة مدتها 3 أشهر، وإذا لم تكن أسباب الانتقال مقنعة، فالحكومة لن توافق على هذا الانتقال.
الفرق الأهم في نظام اللا كفيل أن العامل يستطيع أن يلغي عقد عمله وقتما يشاء بعد الالتزام بالشروط التي نص عليها العقد، ويستطيع أن يسافر وقتما يشاء من دون حجز جواز سفره عبر طلب يقدمه للجهة الحكومية المعنية، لكنه في الحالتين ملزم بأن يحصل من صاحب العمل على مخالصة تفيد بعدم وجود ارتباطات قانونية بينهما، وبالطبع هنا تبرز نقطة ضعف قد تُستغل ضد العمال.
في الحقيقة ربما يكون نظام الكفيل أكثر مرونة للعمال إذا ما كانت هناك علاقة تعاقدية عادلة للطرفين، أما نظام اللا كفيل فهناك تخوف بأن تنتقل فيه السلطة على العمال من أصحاب العمل وتصبح بيد البيروقراطية الحكومية، ويصبح الموظفون الحكوميون في الجهات المختصة بشؤون العمال هم بمنزلة الكفلاء الجدد للعمال.
في ظل نظام الكفيل هناك استغلال فاسد للسلطة من قبل بعض هؤلاء الموظفين الحكوميين، وهو فساد قد يصبح أكثر شراسة إذا ما أصبحت الحكومة وعبر موظفيها هؤلاء بمنزلة الكفيل الجديد لكل العمال.
نظام الكفيل ونظام اللا كفيل المقترح ليسا سوى وجهين لعملة واحدة، فالعبرة ليست بالشكل بل بالتطبيق العادل والنزيه والمتوازن.
ولهذا مطلوب من الحكومة، ومن قبل العمال أنفسهم، عدم استعجال إلغاء نظام الكفيل، والسعي نحو تطويره، بحيث يؤدي الغرض نفسه من نظام اللا كفيل، ولكن من دون إخلاء رب العمل من المسؤولية القانونية تجاه العمال.
تعليقات