‫حسين العبدالله: الحديث عن التوسع بقرارات إخلاء السبيل سواء من النيابة العامة أو المحاكم الجزائية هو مسلك يتناسب مع الموقف القانوني للمتهم لكونه في مرحلة الاتهام‬

زاوية الكتاب

كتب حسين العبدالله 406 مشاهدات 0



في الوقت الذي أعلن المحامي العام المستشار محمد الدعيج، أخيرا، الانتهاء من مشروع السوار الإلكتروني المزمع تطبيقه العام المقبل على بعض المحكومين الذين قد يشملهم العفو الأميري، والإبقاء عليهم في منازلهم والرقابة على تحركاتهم بواسطة السوار، في مسلك حميد ينمّ عن سعي النيابة لإحداث آلية حديثة للتعامل مع المحكومين في القضايا الجزائية، وهو مسلك يضاف الى سجل النيابة الكويتية في منطقة الشرق الأوسط.

وموازاة لهذا التوجه المحمود الذي أفصحت النيابة العامة عنه، بتوجيهات من النائب العام المستشار ضرار العسعوسي، لها أن تستكمل هذا النهج بسياسة التخفيف من قرارات الحبس على المتهمين في القضايا الجزائية، والتشدد في تقريرها والتوسع في قرارات إخلاء السبيل على المتهمين في القضايا الجزائية، ولو بربطها بكفالات مالية أو بوجود كفيل للمتهم المراد الإفراج عنه.

والأمر لا يقتصر على النيابة؛ بل يمتد الى قضاء تجديد الحبس في المحكمة الكلية، والذي يفرض المنطق القانوني عند نظر الكثير من القضايا الجزائية الإفراج عن المتهمين فيها، الى حين انتهاء النيابة من التحقيق فيها، لاسيما أن هذا المحبوس احتياطيا قد يقضى ببراءته لاحقا من الاتهامات المنسوبة اليه، فضلا عن أن المتهم في هذه القضايا ينتظر تحديد جلسة له، والأغلب أن تكون النيابة العامة قد انتهت من التحقيق في ملف قضيته، وهو الأمر الذي يستدعي الإفراج عنه بأي ضمان.

ويشهد الواقع العملي اليوم على أن الكثير من دوائر تجديد الحبس ترفض الإفراج عن المتهمين في القضايا الجزائية، رغم أن الكثير منها قضايا تتصل بجنايات تعاطي مواد مخدرة أو سرقة او تبادل للضرب او غيرها من قضايا الإساءة الهاتفية، رغم أن المدة التي قضاها المتهم بمحبسه احتياطيا بـ 21 يوما كافية لذلك، خاصة أن الحبس هنا هدفه الخشية من التأثير على التحقيقات، أو الخشية من الهرب خارج البلاد، وهي مسائل لا تتوافر بحق المواطن على الأقل أو المقيم الذي لديه أسرة وصادر بحقه قرار بمنع سفره.

في الأسبوع الماضي غاب عدد من السجناء عن حضور الجلسات في المحاكم، وتحديدا بقصر العدل، لإصابة العديد منهم بفيروس كورونا، وانتشاره في العنابر أو الأقسام التي يقيمون بها، وهو الأمر الذي يشير الى ضرورة فرز من يستحق البقاء في السجن من عدمه، ليس نظرا للدواعي الإنسانية التي تفرض الإفراج عن المتهمين في مرحلة الاتهام، بل ولدواع صحية يفرضها الواقع اليوم، والتي لا تغيب - بالتأكيد - عن فطنة القائمين على مرفق العدالة.

أخيرا، فإن الحديث عن التوسع بقرارات إخلاء السبيل، سواء من النيابة العامة أو المحاكم الجزائية هو مسلك يتناسب مع الموقف القانوني للمتهم، لكونه في مرحلة الاتهام، والإبقاء عليه في الحبس لمظنة إدانته أمر يتناقض مع فكرة المحاكمة القانونية العادلة التي كفلتها المادة 34 من الدستور من أن الأصل في الإنسان البراءة.

تعليقات

اكتب تعليقك