‫داهم القحطاني: ليس هناك أتعس من أن تتجسد في الأحلام وفي الواقع أيضا بشخصية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.. يا لها من شخصية مضطربة هدمت في أيام ما حاولت فرنسا بناءه في سنين طويلة‬

زاوية الكتاب

كتب داهم القحطاني 413 مشاهدات 0


ذات مساء كان على طاولة العشاء طبق رز نثري وفوقه لحم مندي شهي، وطبق آخر فرنسي لا تكاد تراه بالعين المجردة.

قررت على غير العادة أن أجرب هذا الطبق الفرنسي لعلي أجد الطعم الشهي في فرنسا بلد الديموقراطية والتنوع والثقافة والانفتاح.

انتهى العشاء وأنا في قمة الحزن على فقداني للسيد «مندي» فالطعام الفرنسي لا يتناسب مع بطون «حنا سباع.. وندق القاع».

في تلك الليلة تكاثرت عليّ الأحلام الفرنسية فحلمت أنني في قصر كبير، وأن هناك من يكلمني بكل احترام.

ورغم قصر قامتي، حيث كنت أقصر من السيدة المسنة التي كانت بجانبي، وقالوا لي إنها زوجتي، إلا أنني كنت أشعر بأنني ذو هيبة أمام هؤلاء الموظفين الذين يتحدثون بالفرنسية بطلاقة.

استغربت لكيفية معرفتي بهذه اللغة التي لم أحبها يوما، ولكن لا يهم طالما كنت السيد المهيوب، والزوج المحبوب.

فجأة دخل شخص يبدو أنه مستشار وقال «سيدي الرئيس خسارتنا في الانتخابات البلدية كانت مريرة، وحزب اليمين، منافسنا الأقرب، حقق تقدما ملحوظا».

سيدي الرئيس! انتخابات! يمين!. قلت لنفسي وما علاقتي بهذه الأشياء؟!. هل أنا محلل سياسي كالذين يتكاثرون في تويتر هذه الأيام كالفطر مع قرب انتخابات مجلس الأمة؟!.

مهلًا. لكنه يقول السيد الرئيس.

ما علينا إنه مجرد حلم.

رد عليه مستشار آخر وهو يخاطبني «سيدي الرئيس لنركز في دعايتنا على الشباب، ونزيد لهم من الوعود بالثراء والحصول على مسكن فاخر وإلى آخر هذه العبارات المريحة».

ولأنني كالأطرش في الزفة قلت «نعم..».

لكن مستشارا آخر اعترض عليه قائلا «سيدي الرئيس هذه كانت وعودنا الانتخابية التي أوصلتك للرئاسة لكن الشباب لم يعد يصدقها فملاعين السترات الصفراء فضحوا زيف هذه الدعايات.. عفوا سيدي الرئيس أقصد تآمروا على خططك العظيمة فتخلى عنك الشباب».

سيدي الرئيس مرة أخرى! سترات صفراء؟! عن ماذا يتحدثون هؤلاء؟

ما علينا إنه مجرد حلم.

وكالعادة لم أعلق سوى بكلمة «نعم..».

المستشار الأول عاد ليقول «سيدي الرئيس لم يعد هناك مناص من منافسة اليمين المتطرف على أصواتهم فهم أقرب المنافسين، كما أن الشباب يواجهون حكمك بشكل أسبوعي وعلى مقربة من قصرك».

فقلت «زين عاد شينسوي؟».

ضحكت كثيرا لأنني تحدثت باللهجة الكويتية ورغم ذلك فهموني.

ما علينا إنه مجرد حلم.

رد المستشار «حتى نحصد أصوات اليمين المتطرف علينا التصدي لتركيا في كل مكان، ولنصور لأوروبا، وللدول العربية بأننا نحميهم من العثمانيين الجدد.. سيدي لقد قام الأتراك بمنافستنا في كل شيء فحتى على مستوى الجبن، جبنة الروكفور التركية أصبحت الأفضل في العالم».

جبنة! الآن عرفت سبب هذا الحلم ثقيل الدم، يبدو أن «المندي» الشهي ينتقم مني شر انتقام.

رد مستشار آخر «سيدي الرئيس لقد خذلنا حلف الناتو عندما رفض اقتراحك معاقبة تركيا بسبب تهديدها خطوط الملاحة في البحر الأبيض المتوسط، وعرض بدلا من ذلك التحكيم.. إنها إهانة لفرنسا العظيمة من الأميركان الملاعين. سيدي الرئيس حين تحقق تركيا أهدافها السياسية والاقتصادية في ليبيا والبحر الأبيض المتوسط، وتستطيع أن تلعب دورا حاسما في الصراع الأذربيجاني - الأرميني، ونحن في فرنسا نكتفي بالتفرج فهذا يعني خسارتك المحتومة للانتخابات المقبلة».

سألت مستشار «الجبنة» وماذا تقترح أنت؟

رد «كنت سأقول لنصعد في موضوع حادثة مرفأ بيروت لنؤكد تأثيرنا الدولي، ولكن التيارات اللبنانية ضربت باقتراحاتك وتهديداتك عرض الحائط سيدي الرئيس، وأصبحنا أضحوكة أمام الأصدقاء والأعداء».

الحلم في نهايته انتقل إلى مشهد آخر حيث وجدت نفسي أقدم خطابا يتهم الإسلام بالراديكالية والإرهاب، ووجدت نفسي أسمح بتعليق رسومات مجلة شارلي ايبدو التي تسخر من نبي المسلمين محمد.

وبينما كنت أستعد لحصد الأصوات اليمينية وجدت المسلمين ينفجرون في وجهي، ويبدأون من دولة الكويت حملة لمقاطعة المنتجات الفرنسية انتقلت لمعظم الدول الإسلامية.

الحلم تحول إلى كابوس مريع إلى أن صحوت فجأة من هذا الجاثوم الفرنسي.

ليس هناك أتعس من أن تتجسد في الأحلام وفي الواقع أيضا بشخصية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

يا لها من شخصية مضطربة هدمت في أيام ما حاولت فرنسا بناءه في سنين طويلة من علاقات وثيقة مع العالم العربي.

تعليقات

اكتب تعليقك