‫فهد البسام: بفضل هذه الممارسات في بلد الإنسانية صار المحظوظ من يصل إلى القضاء ليحاكمه محاكمة عادلة بدلاً من الحبس الاحتياطي التأديبي أو الإبعاد الإداري‬

زاوية الكتاب

كتب فهد البسام 393 مشاهدات 0


في الثمانينيات من القرن المنصرم، وبسبب الظروف الأمنية المضطربة، انتشر في الكويت شعار "كل مواطن خفير"، ثم اختفى عن الساحة فترة طويلة، إلى أن عاد الآن بفعل وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، التي حركت الرغبة المتأصلة لدى الكثيرين منذ الطفولة في الالتحاق بسلك الشرطة ولبس الزي العسكري، متحوراً بشكل أكثر عملية إلى "كل مواطن مباحث"، فإن لم تتحقق أحلام الصغر فلتتحقق الرغبة في التسلط والتجسس والوصاية على الأقل، وهذا أضعف الإيمان.

مثل هذه الرغبات "الأمنية" لدى الأفراد العاديين في مراقبة الآخرين والوصاية عليهم والتحكم فيهم، ما كان يجب لها أن تجد صدى مسموعاً لدى أجهزة الأمن الحقيقية التي يفترض بها أن تكون منشغلة بما هو أهم لأمن البلد لا بتوافه الأمور، وبلا أي أسانيد قانونية أو معايير واضحة ومحددة وشفافة، اللهم إلا من سند استغلال خوف الناس من الفضيحة لا خشيتهم من حكم القانون في دولة القانون والمؤسسات، كما نحب أن نردد دائماً.

ومن ثم كان عليها أن تترك الناس المنزعجة تتحمل مسؤولية أنفسها و"فرصة" تربية أبنائها ومتابعتهم، وأما من ينخدش حياؤه الرهيف من انحناءة هنا أو تضريس هناك، فعليه أن يتوقف ببساطة عن متابعة ما يخدش حياءه، ويراقب أبناءه جيداً من باب أولى، عوضاً عن الرغبة المريضة في مراقبة الآخرين والتحكم فيهم وفي ملابسهم وانحناءاتهم.

بفضل هذه الممارسات في بلد الإنسانية صار المحظوظ من يصل إلى القضاء ليحاكمه محاكمة عادلة، بدلاً من الحبس الاحتياطي التأديبي أو الإبعاد الإداري، الذي لا أظن أحداً يعرف معايير وقواعد إصداره، كما أن الإبعاد في هذا الزمن السريع، الذي لصق العالم ببعضه - كما أتوقع أنهم يدركون - لا يمنع التأثير، وقرب المسافة لا يعني الشيء الكثير، ومن كان لا تعجبكم ملابسه وهو بالكويت سيستكمل "مسيرته" وهو خارجها، وسيظل المتابعون يتابعونه لدينا هنا، أما من كان فعلاً يخشى أن ينخدش حياؤه فيعرف جيداً كيف يحفظ نفسه، والأجهزة التي بين الأيادي تنقل لنا الصلاة بالحرم، وآخر أنشطة آل كارداشيان الكرام، و"اللي بقلبه الصلاة ما تفوته".

تعليقات

اكتب تعليقك