فهد البسام: هذا العام كان واضحاً معنا منذ البداية إلا أننا لم نستوعب نيته المبيتة معنا حين تسارعت أحداثه وبقينا نكابر ونطمئن أنفسنا بأننا في مأمن مما يجري حولنا
زاوية الكتابكتب فهد البسام أكتوبر 8, 2020, 9:45 م 820 مشاهدات 0
هذا العام كان واضحاً معنا منذ البداية، إلا أننا لم نستوعب نيته المبيتة معنا حين تسارعت أحداثه، وبقينا نكابر ونطمئن أنفسنا بأننا في مأمن مما يجري حولنا، حتى وصلنا إلى مرحلة "الكوفيد"، التي أجبرت العالم بأسره ونحن معه، على إعادة التفكير في أحواله، وللاعتراف لاحقاً بأن العالم بعد الجائحة لن يكون كما كان قبلها، وما أصاب العالم في هذا العام من أحداث دراماتيكية كثيرة لم يستثنِنا في الكويت؛ ففقدنا أميرنا الذي لن تظل الكويت كما كانت بعد أن شد رحال رحلته الأخيرة إلى جنات الخلد، بإذن الله تعالى، فالكويت قبل صباح الأحمد ليست كالكويت بعد صباح الأحمد، ولن أبالغ إذا قلت حتى الخليج أو بقية العرب، فمن يرى سرعة إبرام الاتفاقات الأخيرة في المنطقة ويربطها بغياب الرجل الصلب عن الساحة قد يفهم ما أعنيه.
صباح الأحمد مختلف تماماً، ولن يتكرر، فقد كان وجه الكويت الباسم بالخارج، وأينما ذُكر اسمه ذكرت الكويت، والعكس صحيح، علَمٌ بحد ذاته لا يحتاج إلى شرح أو وصف أو توضيح. أما بالداخل، فرغم طبيعة عمله الدبلوماسي لسنوات طوال فإن بصماته منذ عهد التأسيس حتى توليه مقاليد الحكم لا تخفى على الذاكرة، وفي كل زاوية من زوايا الكويت، وبظنّي لو قُيض له الأمر في سن مبكرة لكان تأثيره على الداخل أكثر عمقاً مما هو عليه بالفعل الآن، ويكفيه أنه رغم ثقل التركة وكبر سنه كان أكثر ديناميكية وتحركاً ممن سبقوه، محاولاً بجلَد حلحلة الكثير من العقد السياسية المتأصلة تاريخياً واجتماعياً، وتغيير معادلاتها، مع تهميش للشعبويات الفارغة، وإعادة تحجيم مشاريع العبث الخارجية المختبئة وراء الفزاعات المحلية الجوفاء، وبدا أنه كان يسعى لأن يعدل الميزان المائل منذ سنة ١٩٧٦، إلا أنه لم يجد شجعاناً مثله لا يفكرون كثيراً في حكم التاريخ عليهم، بل هم الذي يكتبونه بجرأتهم وثقتهم بأنفسهم، كما اعتاد أن يكون هو دائماً.
قبل عشرة أيام بالضبط، كنا في عهد صباح الأحمد ذي الذات المصونة التي لا تمس، واليوم نترحم عليه ونتفكر بعهده، وهذه من هِبات الكويت التي قد لا نستشعرها أحياناً، وهكذا الدنيا حالٌ تحولُ. واليوم، نحن في عهد جديد، ومعه تطلعات شعب كامل، والدرس الأول الذي قد يُعنوِن للمرحلة تحقَّق في اليوم الأول لتولي سمو الأمير نواف لمسند الإمارة، فكأنما الولاية تأتي طائعة راضية لمن لا يسعى لها ويزهد فيها وينأى بنفسه عن تنافساتها ومناكفاتها، وهذا ما انعكس حتى في اختيار سموه لولي عهده، هذا النهج قد يكفي البلاد في المرحلة القادمة شر الفتن والبيع والشراء، لو تم فهمه واستيعابه، لعل ذلك يؤسس لمرحلة استقرار قادمة تتيح للبلاد والعباد التركيز على الأولويات، والتعامل مع تحديات المستقبل الخطيرة.
تعليقات