داهم القحطاني: الكويت التي حباها الله بزعيم تاريخي كالشيخ صباح الأحمد رحمه الله حباها الله أيضا بنظام حكم ديموقراطي مستقر تُصنع فيه السياسة الخارجية وفق نظام مؤسسي لا فردي
زاوية الكتابكتب داهم القحطاني أكتوبر 6, 2020, 9:55 م 635 مشاهدات 0
خلال اللقاءات التي أجرتها قنوات فضائية عربية مع محللين سياسيين كويتيين عن كويت ما بعد صباح الأحمد، تكرر سؤال واحد وبكثرة وكان: هل ستتغير السياسة الخارجية الكويتية، وتقرر الكويت أن تلتحق بسياسة المحاور في الإقليم؟ أم ستواصل الكويت الاستمرار في سياسة التوازن والوساطة والاعتدال؟
من يوجه هذا السؤال حتماً لا يفهم على وجه التحديد كيف يتم تشكيل السياسة الخارجية في الكويت، فهؤلاء يعتقدون أن هذه السياسة يحددها شخص الأمير، ويظنون أن هذه السياسة مجرد انعكاس لرغبة الشيخ صباح الأحمد.
والحقيقة التي لا تغيب عن الخبراء في شؤون المنطقة هي أن السياسة الخارجية في الكويت يتم تحديدها وفق أطر عدة، أهمها الركائز الثابتة طوال عقود، وهي التوازن في العلاقات، وعدم التدخل في شؤون الغير، ورفض الدخول في المحاور المتحاربة، والعمل من خلال المؤسسات الإقليمية كمجلس التعاون الخليجي، وجامعة الدول العربية، وهيئة الأمم المتحدة، وغيرها.
ومن الركائز الثابتة في السياسة الخارجية الكويتية تأييد القضية الفلسطينية، ورفض التطبيع مع الكيان الصهيوني، وتأييد خيارات الشعب الفلسطيني، ورفض أي حلول منفردة تبخس الحقوق الفلسطينية التاريخية.
فيما يتعلق بالحياد الكويتي في الأزمة الخليجية، هناك من يتوقع أن الكويت لن تواصل لعب دور الوسيط في هذه الأزمة، وأنها ستخضع لضغوط تمارسها أطراف عدة بهدف الابتعاد عن المشهد بشكل تام.
هذه التوقعات غير منطقية، فالكويت متضررة بشكل مباشر من الأزمة الخليجية، ومن غير المعقول أن تترك المنطقة لتنفجر وهي كبلد ستكون أول من سيدفع الثمن، كما أن الحفاظ على وحدة مجلس التعاون الخليجي أمر يتطلب منع تفاقم الأزمة الخليجية.
الكويت كانت وما زالت وسيطا مقبولا من أطراف الأزمة الخليجية، ومن الدول الكبرى، ومن المنظمات الإقليمية والدولية المعنية بالأزمة، وتصور أن الكويت ستتخلى عن هذا الدور تكهن لم يبنَ على مؤشرات حقيقية.
الأمر الذي لا يركز عليه البعض أن الكويت في وساطتها منعت الطرفين من مواصلة اجراءات أكثر تشددا، وتم حصر الأزمة الخليجية لتكون في الإطار الخليجي، وجنبتها من التحول إلى أزمة إقليمية ودولية تتيح لدول كثيرة التدخل في الشأن الخليجي، وهو ما يحسب للكويت، وما يجعل تخلي الكويت كوسيط في الأزمة الخليجية تحولا خطيرا قد تدفع كل دول الأزمة ثمنه غاليا.
الكويت التي حباها الله بزعيم تاريخي كالشيخ صباح الأحمد رحمه الله، حباها الله أيضا بنظام حكم ديموقراطي مستقر، تُصنع فيه السياسة الخارجية وفق نظام مؤسسي لا فردي، ووفق ركائز ثابتة لا تخضع لتحولات عشوائية، ولا لضغوط خارجية مهما تعاظمت.
تعليقات