‫د. فيصل الشريفي: لا يخفى على أحد أن الديمقراطية لا تستقيم إن لم يكن هناك أحزاب مدنية تقوم على أهداف سياسية واجتماعية تسمح بالتعددية والمشاركة دون تمييز عرقي أو مذهبي‬

زاوية الكتاب

كتب د. فيصل الشريفي 768 مشاهدات 0


على الرغم من التحفظات عن أداء مجلس الأمة وتراجعه أمام سطوة الأقطاب والمتنفذين الذين جعلوا منه أداة لتحقيق مكاسبهم الشخصية وساحة تصفيات خلفية لضرب مخالفيهم من خلال تهميش دوره الرقابي والتشريعي، فإنه يظل من أهم مواقع الإصلاح، وعليه تقع مسؤولية كبيرة في تجاوز ما تمر به الكويت من أزمات.

في مقال سابق كتبت هذه الفقرة "مع اقتراب موعد الانتخابات القادمة نعود إلى المربع الأول وإلى مطالبة الناخبين باختيار الأصلح من بين المرشحين، وكأن المواطن بيده المفتاح السحري، لكننا كمواطنين نقولها وبالفم المليان بأننا لن نقدر على شيء، وكل ما نقدر عليه هو التغيير في أسماء النواب، أما غير ذلك فاسمحوا لنا، فأنتم من وضعنا في هذا الموقف الذي لا نحسد عليه، وأنتم من رسخ قناعة الاختيار في عقولنا".

واليوم أردد الجملة ذاتها، وأقولها بالفم المليان: إن التغيير الذي نمني النفس به في مواقع التواصل الاجتماعي ما هو إلا كلام في كلام، وفِي الليل يحلو الكلام، أما في النهار فترجع حليمة لعادتها القديمة وإلى حكايات ألف ليلة وليلة، وقصة شهريار وشهرزاد، وشهريار يريد بقاء الوضع على ما هو عليه.

بالرغم من أن التغيير في عضوية المجلس القادم ستكون بنسبة لا تقل عن 50% على أقل تقدير فإن السؤال ما زال قائماً حول هوية وملامح المجلس القادم، إذا ما كان سيحمل معه نهجاً جديداً في الأداء، أم أنه شكلي لا جديد فيه، وكل شيء محسوب حسابه، بحسب ما هو مرتب له بعد أن اتضحت معالم المجلس القادم بشكل لا يقبل اللبس؟

على الرغم من التحفظات على أداء مجلس الأمة وتراجعه أمام سطوة الأقطاب والمتنفذين الذين جعلوا منه أداة لتحقيق مكاسبهم الشخصية وساحة تصفيات خلفية لضرب مخالفيهم من خلال تهميش دوره الرقابي والتشريعي، فإنه يظل من أهم مواقع الإصلاح، وعليه تقع مسؤولية كبيرة في تجاوز ما تمر به الكويت من أزمات اقتصادية وسياسية محلية وتحديات خارجية فرضها واقع التطبيع مع الكيان الصهيوني المرفوض شعبياً ورسمياً.

تعزيز النهج الديمقراطي لا يعني المساس بالدستور الكويتي، فهو من حفظ العقد بين الحاكم والمحكوم، وفيه من الحسنات الشيء الكثير الذي جعل من المجلس قوة لا يستهان بها، ومكنه من الرقابة على أعمال الحكومة، وجعله شريكها في إصدار القوانين والتشريعات.

لا يخفى على أحد أن الديمقراطية لا تستقيم إن لم يكن هناك أحزاب مدنية تقوم على أهداف سياسية واجتماعية تسمح بالتعددية والمشاركة دون تمييز عرقي أو مذهبي.

قد يتحجج البعض بأن الكويت غير مهيأة للعمل الحزبي، وهو عذر له ما يبرره، لكن ماذا عن محاربة كل ما يسيء إلى العملية الانتخابية من تشاوريات مبنية على التعصب القبلي وشراء الأصوات وفصل السلطات وعدم السماح لأي طرف بالتدخل في أعمال الطرف الآخر؟ وماذا عن تفعيل أدوات المحاسبة والرقابة المالية على النواب وكبار مسؤولي الدولة، فمن غير المقبول والمعقول مطالبة المواطنين بحسن الاختيار، وهناك من تضخمت حساباته بصورة مريبة وأصبح من أصحاب الملايين؟!

ودمتم سالمين.

تعليقات

اكتب تعليقك