‫د. علي الحويل: تراخت الحكومة في الحفاظ على الاقتصاد قوياً قادراً على مواجهة الأزمات العالمية بتنويع مصادر الدخل فصار المواطن المحبط يرى ثروات بلاده يتقاسمها الفساد والإهمال‬

زاوية الكتاب

كتب علي عبدالرحمن الحويل 793 مشاهدات 0


تعرف القوة الناعمة بأنها القدرة في التأثير على الآخرين، بحيث تصبح القيم السائدة في الدولة وأسلوب ومظاهر العيش فيها نموذجاً، يحرص الآخرون خارجها على الاقتداء به.
حظيت الكويت بدور الريادة في الخليج والمنطقة في الفترة من أوائل الستينات وحتى الغزو الغاشم في 1990، فبالإضافة إلى نظامها الديموقراطي الفريد وإعلامها الحر، كان دستورها المتحرر من قيود أنظمة الحكم التقليدية نموذجاً يحتذى به، وأضافت المَلَكات الكويتية الاستثنائية في مجالات الفكر والفنون والآداب بعداً حضارياً للدولة الحديثة، وأدى إيمان الكويتيون بالحرية المسؤولة إلى تحرر المرأة الكويتية ومساهمتها في بناء الدولة الناشئة، التي لفتت انتباه العالم ونالت إعجابه، وأضافت سياستها الخارجية المتزنة رصيداً كبيراً لقوتها الناعمة.
تراجعت الكويت بعد كارثة الغزو المريرة على الكثير من مؤشرات القياس الدولية، ومن مظاهر تراجعها تكرار خسارتها لأكثر من 7 مراكز على مؤشر الفساد في عام واحد، وانحدار ترتيبها الدولي على مؤشر جودة التعليم الأساسي إلى المرتبة 104 بين 140 دولة وفقاً لمؤتمر دافوس، ولم يتعد تصنيف جامعتها الحكومية الوحيدة وفقاً لمؤشر التايمز البريطاني المركز بين 801-1000، وها قد خرجت قبل أيام من التصنيف الدولي في كارثة حقيقية للتعليم في البلاد، ولم يختلف مستوى خدماتها الصحية عن مستويات التعليم كثيراً، فقد كشفت جائحة كوفيد -19 عن تراجعها الواضح الذي أعاق جهود المكافحة بشكل مؤثر ضمن أسباب أخرى.
يبلغ تعداد الكويتيين 1.4 مليون نسمة وفي عام 2019 بلغ دخل المواطن الكويتي 29 ألف دولار فقط، بينما بلغ الدخل الإماراتي 39 ألفاً والقطري 70 ألف دولار، وبلغ معدل البطالة في الدولة الصغيرة الغنية 6.4 ‎في المئة!
يبلغ عدد الوافدين في الكويت نحو 3.4 مليون، من مواطني دول تعاني من تدني مستوى رواتب مواطنيها، ما ساهم في انتشار الفساد فيها، وغالبيتها في قاع مؤشرات القياس العالمية في معظم المجالات، وكان بالإمكان الاقتداء بالغرب الذي يستقدم العمالة الوافدة من أفضل الدول مستوى في مجال التخصص المطلوب، وتفرض دوله على القادمين إليها أنظمتها وقوانينها فتجعل منهم مساهمين في تقدمها لا عبئاً عليها.
تفشى الفساد وانتقل من كونه مقتصراً على المشاريع الحكومية الكبرى، ليصبح ظاهرة تشمل مختلف الأعمال والإجراءات الحكومية، وطال التعيينات في الدولة فاهملت شروط الكفاءة والقدرات الشخصية، فانهار التعليم وتراجع مستوى سائر الخدمات.
تراخت الحكومة في الحفاظ على الاقتصاد قوياً قادراً على مواجهة الأزمات العالمية بتنويع مصادر الدخل، فصار المواطن المحبط يرى ثروات بلاده يتقاسمها الفساد والإهمال في تنميتها وفي الحفاظ عليها، فقل إنتاجه وتلاشت طموحاته، خصوصاً وهو يرقب الدولة توزع الهبات والمعونات بسخاء، جعلها تبدو وكأنها تريد شراء الولاءات والإعجاب بها، بدلاً من أن تبهر الآخرين بقوتها الناعمة، وتكون كما كانت سابقاً القدوة والمثل الأعلى لها.

تعليقات

اكتب تعليقك