عبدالعزيز الكندري: الكويت بلد صغير عاشت على التسامح وحل مشاكل القريب والبعيد عن طريق الديبلوماسية التي تتمتع بها.. والجميع يقبل بوساطتها
زاوية الكتابكتب عبدالعزيز الكندري سبتمبر 9, 2020, 10:51 م 881 مشاهدات 0
تحلّ علينا الذكرى السادسة لمنح منظمة الأمم المتحدة سمو الأمير لقب قائد العمل الإنساني، وتسمية الكويت مركزاً إنسانياً عالمياً، وصاحب السمو استحق اللقب الرفيع عن جدارة واقتدار بفضل جهود سموه الإنسانية الرائدة في مجال تخفيف معاناة منكوبي الحروب والفقراء والكوارث الطبيعية في كافة أنحاء العالم، واختيار صاحب السمو قائداً للعمل الإنساني ما هو إلا تعبير عن أصالة العمل الخيري وطبيعة الشعب الكويتي المحب للخير، فمبادرات صاحب السمو الإنسانية هي الطبيعة التي جبل عليها أهل الكويت، وبعد النفط لم تتغير تلك الطبيعة بل تأكدت وتوثقت وتحول العمل إلى مؤسسات خيرية يشار إليها بالبنان ونالت احترام العالم.
الكويت بلد صغير عاشت على التسامح وحل مشاكل القريب والبعيد عن طريق الديبلوماسية التي تتمتع بها، لها نفوذ حول العالم أكبر بكثير من حجمها، لديها أدوار مختلفة والجميع يقبل بوساطتها، ولا يستطيع أحد السيطرة على قرارها، تتميز بالحكمة والاتزان وعدم صنع الأزمات، ورصيدها الإنساني حافل منذ قديم الزمن وحتى قبل النفط عندما كانت السفن تجوب العالم بحثاً عن لقمة العيش.
والفرصة وحدها لا تكفي لصنع المواقف، فلا بد من وجود النوايا الصادقة المخلصة، لذلك نجحت الكويت عبر تاريخها بالقيام بدور الوساطات الإقليمية، وذلك لأن سياستها الخارجية تعتمد على التوازن والحياد بين الأطراف المتنازعة، وأهم صفة للنجاح في دور الوساطة هو الوقوف على مسافة واحدة من الأطراف المتنازعة، وبعد الاستقلال كانت الكويت على علاقة مميزة بين أقطاب العالم أميركا وروسيا.
تاريخ الكويت لم يكن حافلاً بالورود دوماً، فهناك العديد من المصاعب التي مرّت بها وعلى مختلف العصور سواء السياسية أو الاقتصادية أو الإنسانية، ولكنها السياسة الخارجية الحصيفة المتزنة والمتوازنة هي التي صنعت وأحدثت الفارق، وعبرت بالكويت إلى بر الأمان منذ أكثر من 350 عاماً.
ومن التحديات التي واجهتها الكويت تذبذب أسعار النفط، ففي الفترة من عام 1948وحتى نهاية الستينات كان سعر البرميل 3 دولارات، ثم ارتفع سعر النفط عام 1974 أربع مرات متجاوزاً 12 دولاراً للبرميل، ثم استقرت أسعار النفط العالمية خلال عام 1974 وحتى 1978 ما بين 12 دولاراً للبرميل و13 دولاراً، وبسبب الحرب العراقية - الإيرانية ارتفع سعر برميل النفط في عام 1978 إلى أكثر من 35 دولاراً للبرميل، وفي عام 1986 انهارت الأسعار إلى أقل من 10 دولارات للبرميل، وعام 1999 صعد سعر البرميل ليصل إلى 25 دولاراً للبرميل، وعام 2005 وصلت الأسعار إلى 78 دولاراً للبرميل، بعد ذلك شاهدنا الأسعار القياسية التي تجاوزت 100 دولار للبرميل والآن أقل من نصف هذا المبلغ.
ومن نافلة القول إن العمل الإنساني ساهم مساهمة فعّالة في رفع اسم الكويت، وجعلها في مصاف الدول التي تقدم المساعدات حول العالم، وأهل الكويت جبلوا على فعل الخير والبر والإحسان من قديم الزمان، فالشيخ جابر الأول بن عبدالله حاكم الكويت من عام 1814 إلى 1859، اشتهر بجابر العيش حيث كان يساعد الفقراء والمحتاجين، ولا ننسى وقفية الشيخ محمد بن عبدالرحمن العدساني سنة 1783 والتي كانت خير شاهد على أن العمل الخيري ومساعدة الفقراء والمحتاجين مترسخة ومتجذرة في قلوب ووجدان الكويتيين.
وفي العصر الحديث، دور صندوق التنمية العربي وبيت الزكاة الكويتي والجمعيات الكويتية، مثل جمعية الإصلاح الاجتماعي والنجاة وإحياء التراث والعون المباشر والسلام وصفا وغيرها الكثير، إضافة إلى اللجنة الشعبية لجمع التبرعات التي أُسست العام 1945 بمبادرة أهل الخير من مجموعة من تجار الكويت الأفاضل. وهذه المؤسسات تبرز الوجه الحضاري للكويت لما تقدمه من خدمات جليلة من مساعدة المعوزين والمحتاجين وصناعة الابتسامة على وجوههم.
تعليقات