‫د. فيصل الشريفي: لا أرى في الأفق القريب أي جدية بالإصلاح لا في هذا الوقت ولا في المستقبل المنظور سائلاً المولى عز وجل ألا يصدق ظني‬

زاوية الكتاب

كتب د. فيصل الشريفي 579 مشاهدات 0


انحراف العمل النيابي تحت قبة عبدالله السالم وخارجها لم يعد يطاق بعد تحوله من نيابي- حكومي إلى نيابي- نيابي وكأن السادة النواب يبحثون عن أي فرصة للتقرب إلى الوزراء وإرضائهم بأي شكل من الأشكال. 

هذا التزلف ما هو إلا قفز على الدستور وتجاوز صريح على اختصاصات السلطة التنفيذية الممثلة بمجلس الوزراء، وعلى اللائحة التنظيمية التي تقتضي من الوزير المختص الرد على نقاط النظام بصفته المعني عن أمور وزارته، ناهيك عن أن بعض هذه الفزعات يشتم منها رائحة المصالح والتزلف والرياء وقد تضر بالوزير أحياناً كثيرة.

صحيح أيضاً أن ضبط أعمال الجلسة من اختصاص رئيس مجلس الأمة أو من ينوب عنه في إدارتها، وصحيح أيضا أن بإمكان النواب التحدث كرافضين لطلب طرح الثقة، لكن الدفاع عن الوزراء مع كل شاردة وواردة ليس من شأنهم، ولا هو من المهام التي انتخبوا من أجلها، وعليهم احترام أنفسهم كي لا يظهروا بهذا المظهر وكأنهم مسيرون لا مخيرون.

لا أعرف لماذا يصر بعض النواب على استخدام لغة الإقصاء والتخوين فيما بينهم، والتي كان يعاب بها على المعارضة السابقة، رغم أن الصوت الواحد يفترض من حسناته القضاء على تلك الظاهرة. 

بالرغم من ضعف الأداء الحكومي وتضارب قراراتها فإن تسابق النواب على تقديم الاستجوابات بهذا التوقيت بالفعل يثير الكثير من علامات الاستغراب، ولا يوجد لها تفسير سوى الجملة التالية: "قاتل الله بريق الكرسي والمال عندما تعمى القلوب".

من باب الإنصاف هناك بعض النجاحات التي سجلها مجلس الأمة، رغم أنها نجاحات فردية تحسب لبعض ممثلي الأمة، لكن مجمل الأداء البرلماني لم يصل إلى مرحلة النضوج ولأسباب كثيرة أثرت في نهج النواب، فجعلت بعضهم أداه توجه حيثما يشاء لمن يمسك بخيوط النفوذ السياسي والمالي.

لقد عملت الحكومات المتعاقبة على إفراغ مجالس الأمة من أداء دوره الرقابي والتشريعي الذي نص عليه الدستور الكويتي، واستطاعت على مدى تلك العقود أن تجعل من النائب تاجراً ووسيطاً ومخلصاً للمعاملات. 

شئنا أم أبينا نحن المواطنين من يختار ممثلي الأمة وهذا قدرنا، رغم أننا قد نكون ضحية للمنظومة الانتخابية التي حرمتنا من ممارسة حقنا الكامل في التصويت كنسبة وتناسب، وإلى تقسيمة الدوائر التي خطط لها بعناية فائقة على أساس طائفي وطبقي وقبلي، ومع ذلك يجب علينا تجاوز هذه العراقيل والنظر إلى المصلحة العامة بدلاً من المصالح الضيقة. 

مع اقتراب موعد الانتخابات القادمة نعود إلى المربع الأول وإلى مطالبة الناخبين في اختيار الأصلح من بين المرشحين وكأن المواطن بيده المفتاح السحري، لكننا كمواطنين نقولها وبالفم المليان بأننا لن نقدر على فعل شيء، وكل ما نقدر عليه تغيير أسماء النواب، أما غير ذلك فاسمحوا لنا، فأنتم من وضعنا في هذا الموقف الذي لا نحسد عليه، وأنتم من رسخ قناعة الاختيار في عقولنا، وما لم تغير الحكومة نهجها بالتعامل مع مجلس الأمة بحصر عملهم داخل مجلس الأمة.

• لا أرى في الأفق القريب أي جدية بالإصلاح لا في هذا الوقت ولا في المستقبل المنظور سائلاً المولى عز وجل ألا يصدق ظني. 

ودمتم سالمين.

تعليقات

اكتب تعليقك