شقيقتان كفيفتان في غزة حفظتا القرآن الكريم بالسند المتصل رغم كل المصاعب

منوعات

الآن - وكالات 903 مشاهدات 0


الشقيقتان هنية وشمس أبو شحمة 

على فترات متباعدة، نجحت الشقيقتان الكفيفتان هنية وشمس أبو شحمة، من خانيونس، جنوبي قطاع غزة، في حفظ القرآن الكريم كاملا، والحصول على شهادة الإجازة بـ"السند المتصل". 

وإجازة "السند المتصل"، هي النقل الصوتي للقرآن الكريم من جيل لآخر، يشهد فيها الشخص المانح للإجازة أن قراءة مُتلقّي الشهادة أصبحت صحيحة ومطابقة للقراءات القرآنية التي أجازه بها، كما تسمح له بأن يقرأ ويُقرّئ غيره القرآن. 

تحدّت الشقيقتان الصعوبات التي واجهتهما خلال رحلة حفظ القرآن والتي تمثّلت أبرزها في عدم توفّر القرآن بلغة "برايل" الخاصة بفاقدي البصر وهي الكتابة بحروف بارزة لقراءتها عن طريق اللمس. 

وإلى جانب حفظ القرآن، فقد حصلت الشقيقتان هنية (23 عاما)، وشمس (18 عاما)، على معدلات مرتفعة في شهادة الثانوية العامة، كان آخرها هذا العام حيث حصلت شمس، على معدل 88.5 بالمئة. 

وإضافة إلى هنية وشمس، فإن شقيقهما الأصغر يعاني أيضا من الإعاقة البصرية، إلى جانب إصابته بمرض التوحد. 

ولازمت الإعاقة البصرية الأشقاء الثلاثة منذ الولادة. 

وتعيش عائلة أبو شحمة أوضاعا اقتصادية صعبة للغاية، تعيق بناتها الحافظات للقرآن، من استكمال تعليمهن العالي. 

واعتمدت الشقيقتان في بداية حفظهما للقرآن على حاسة السمع، بحيث لم يتوفر لديهن في البداية مصحفا بلغة "برايل"، كما قالتا للأناضول. 

وبدأت الفتاتان مرحلة تلاوة وحفظ القرآن منذ كانتا في مرحلة رياض الأطفال (في عمر 4-5 سنوات)، لكنهما حصلتا على المصحف الأول بلغة "برايل" قبل أقل من 12 عاما.

وحظيت هنية وشمس باهتمام ومساعدة عائلتهما في عملية الحفظ، حيث كان والدهما يقرأ لهما القرآن، كما يداوم على إعادة تسميعه لهما. 

إلى جانب ذلك، فإن الشقيقتين انخرطتا في دورات تدريبية لحفظ وتلاوة القرآن، ساعدتهما في عملية الحفظ. 

وأضافتا "دائما نسعى لتثبيت حفظ القرآن، إما ذاتيا، أو بالالتحاق بدورات متخصصة بهذا المجال". 

وخلال العام الدراسي الماضي، سعت شمس بكلّ جد للحصول على معدّل مرتفع في الثانوية العامة، ليمكّنها من دراسة التخصص الذي تحب. 

ومنذ المرحلة الثانوية، اختلفت طبيعة الدراسة على شمس، حيث انتقلت من مدرسة خاصة بالمكفوفين، إلى مدرسة عامة للأشخاص الأصحاء (دون إعاقة)، لا تخصص دروسا أو وقتا للمكفوفين. 

وشكّل هذا التغيّر تحديا قاسيا بالنسبة للفتاة الفلسطينية، ما دفعها لبذل جهود مضاعفة من أجل متابعة دروسها، وتلخيصها. 

واعتمدت شمس في تلخيص دروسها على آلة "بيركنز"، التي كانت تتقاسمها مع شقيقتها "هنية"، في أوقات الدراسة، وذلك لعدم توفّر آلة ثانية تساعدهما في تغطية كامل فترتهما الدراسية. 

وآلة "بيركنز"، هي آلة كاتبة للتغلب على الصعوبات العديدة التي تواجه المكفوف أثناء استخدامه للوحة وقلم "برايل" حيث توفر الكثير من وقت المكفوف وجهده وتساعده على المحافظة على سلامة النقاط المكتوبة وسلامة الورقة عند تحريكها من أعلى إلى أسفل. 

وحصلت عائلة "أبو شحمة" على تلك الآلة من وزارة التنمية الاجتماعية، بحيث تتعهد العائلة بإرجاعها فور انتهاء كل فصل دراسي. 

وتعجز العائلة عن توفير آلة خاصة بسبب ارتفاع تكلفتها والتي تقدّر بنحو ألفي دولار أمريكي. 

في بعض الأوقات، كانت شمس تذهب للمدرسة، دون هذه الآلة، حيث كانت تستخدمها شقيقتها في كتابة ملخصاتها الجامعية. 

وبضحكات خافتة تقول شمس، إن "بعض المناوشات الصغيرة كان تندلع بينها وبين شقيقتها، للحصول على الآلة". 

وتحلم شمس بدارسة تخصص الشريعة الإسلامية، أو اللغة العربية، لكنّها تعرب عن تخوفاتها من عدم تحقيق حلمها بسبب الوضع الاقتصادي الصعب لعائلتها. 

وتطالب الجهات المختصة بتوفير منحة دراسية تساعدها في تحقيق حلمها. 

الشقيقة الكُبرى هنية، تخرجت من كلية أصول الدين بمعدل 88.8 بالمئة، لتلتحق مباشرة بدبلوم للتأهيل التربوي وتتخرج منه بمعدل 83.7 بالمئة. 

وشكّلت الظروف الاقتصادية، خلال رحلتها الدراسية، المعيق الأكبر حيث تحتجز الجامعة شهادة الدبلوم الخاصة بها، بسبب عجزها عن سداد بقية تكاليف الدراسة. 

وتعتمد عائلة أبو شحمة في توفير احتياجاتها المعيشية، على راتب تصرفه، الحكومة الفلسطينية، بقيمة 1400 شيكل شهريا (الدولار يعادل 3.4 شيكل)، وهو مخصص لأهالي الشهداء، والذي تتقاضاه العائلة منذ استشهاد نجلها خلال انتفاضة الأقصى عام 2000. 

وتتطوع هنية في المساجد لتقديم دروس الوعظ والإرشاد للطالبات. 

وتطمح الشابة الفلسطينية، لدارسة الماجستير في تخصص تفسير القرآن وعلومه، معربة عن آمالها في توفير منحة لها، لاستكمال دراستها. 

وتضيف:" هذا الحلم قد يحول دون تحقيقه سوء الأوضاع الاقتصادية التي نعاني منها (...) لكن دائما أقول إنه لا إعاقة مع الإرادة". 

وبفعل الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة منذ نحو 14 عاما، يعاني القطاع الذي يعيش فيه أكثر من مليوني شخص أوضاعا اقتصادية متردية للغاية. 

ومع بداية عام 2020 ارتفع مؤشرا الفقر والبطالة إلى 52 بالمئة، و50 بالمئة، على التوالي.

تعليقات

اكتب تعليقك