#جريدة_الآن تنشر نص استجواب النائب محمد هايف إلى وزير الداخلية

محليات وبرلمان

الآن 627 مشاهدات 0


تقدم النائب محمد هايف باستجواب إلى نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء أنس الصالح متضمنا محورين. 


ويتضمن المحور الأول انتهاك الخصوصية بالتجسس والتنصت على المواطنين من دون سند من القانون، فيما يتضمن المحور الآخر التستر على بعض الجرائم الجنائية ومرتكبيها في إدارتي أمن الدولة والجنائية ومكافأتهم بالترقية والمنصب الإشرافي.


وفيما يلي نص الاستجواب:


الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، محمدٍ (صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه)، أما بعد:


إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا {الأحزاب: ٧٢}


إن غِشَّ الراعي للرعية من أخطر أنواع الغِش وأعظمها ضرراً على الأمة، وقد وردت أحاديث كثيرة في ذلك منها: عن معقل بن يسار المزني رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ، إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ» رواه مسلم.


وفي رواية أخرى: قَالَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ما مِن عَبْدٍ اسْتَرْعاهُ اللَّهُ رَعِيَّةً، فَلَمْ يَحُطْها بنَصِيحَةٍ، إلَّا لَمْ يَجِدْ رائِحَةَ الجَنَّةِ» رواه البخاري ومسلم.


وفي رواية لمسلم: «ما مِن أَمِيرٍ يَلِي أَمْرَ المُسْلِمِينَ، ثُمَّ لا يَجْهَدُ لهمْ وَيَنْصَحُ، إِلَّا لَمْ يَدْخُلْ معهُمُ الجَنَّةَ».

ومعنى (لا يَجْهَدُ): أي لا يبذل جهدهُ وطاقته.


وهذا الحديث برواياته يدلُّ على خطر الولاية وعظم مسؤوليتها أمام الله سبحانه. كما أنه عامٌّ في كل مسؤولية يتولاها المسلم، ابتداءً من منصب الحاكم والوزير والوكيل والمدير ... وانتهاءً بأي ولايةٍ مهما صَغُرت.


ويدل على ذلك عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ ومَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»، وفي هذا الحديث التحذير الشديد من غش الراعي الرعيةَ، وأنه من كبائر الذنوب.


وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه يومَ أن بويع بالخلافة: أَيّهَا النّاسُ! فَإِنّي قَدْ وُلّيت عَلَيْكُمْ وَلَسْت بِخَيْرِكُمْ، فَإِنْ أَحْسَنْت فَأَعِينُونِي؛ وَإِنْ أَسَأْت فَقَوّمُونِي، الصّدْقُ أَمَانَةٌ، وَالكَذِبُ خِيَانَةٌ.


هذا، وقد تابع الشعب الكويتي بكثير من السخط انتشار تسريبات لتسجيلات جهاز أمن الدولة، وهو أحد أخطر الأجهزة الأمنية الخاضعة لرئاسة وإشراف وتوجيه ورقابة الوزير المستجوب؛ ما يدل على وجود فساد غير مسبوق في إحدى أهم إدارات وزارة الداخلية التابعة له، فتأتي محاور هذا الاستجواب منسجمةً مع سلطات الوزير الدستورية، وما يترتب عليها من مسؤولية جراء إخلاله بتلك السلطات والصلاحيات، وعدم قيامه بواجباته المنوط به تنفيذها حفاظًا على مصالح المواطنين ومكتسباتهم في إطار الدستور والقانون، حيث أخلَّ وزير الداخلية بواجباته الدستورية والقانونية والأمنية والسياسية واللوائح والنظم أثناء ممارسته لمهام منصبه، فكان هذا الاستجواب مُستحقًّا له، وقد أناط الدستور بوزير الداخلية مسؤولية هذه النصوص وتنفيذها بوصفه أحد أعضاء السلطة التنفيذية، والتي يمثلها مجلس الوزراء؛ حيث جاء في نص المادة مائة وثلاثة وعشرون (123) أنه: «يهيمن مجلس الوزراء على مصالح الدولة، ويرسم السياسة العامة للحكومة، ويتابع تنفيذها، ويشرف على سير العمل في الإدارات الحكومية»، وقد أقر الدستور الحقَّ لأعضاء السلطة التشريعية في ممارسة الرقابة البرلمانية على أعمال السلطة التنفيذية، ومن منطلق مفهوم المسؤولية التي تقع على عاتقنا وتجعلنا ملزمين بمحاربة الفساد والحفاظ على المكتسبات الدستورية للمواطنين، وبعد أن تبيَّن تقاعس الوزير المستجوب عن أداء مهامه الدستورية وحنثه بالقسم، أصبح هذا الاستجواب استحقاقًا واجبًا؛ حفظاً لحقوق المواطنين وللدفاع عن حرياتهم وأمنهم، وقد أولى الدستور الكويتي أهميةً قصوى للحفاظ على دعامات المجتمع والأمن والطمأنينة، وقد وقعت الانتهاكات ومخالفة مواد الدستور والقانون في عهد الوزير، أو امتدت آثارها خلال عهده، وأشاح عنها بصره عامدًا متعمدًا، ولم يتخذ فيها الإجراءات القانونية المناسبة، ما يدلُّ على رضائه عليها، أو ينمُّ عن ضعفه وعدم قدرته على مواجهة مرتكبيها، كما في واقعتي التجسس والتنصت وواقعة إتلاف البيانات، وفي جميع الأحوال هو المسؤول سياسيًّا عنها، فجاء هذا الاستجواب في المحاور التالية، وهي:

‏المحور الأول:

انتهاك الخصوصية بالتجسس والتنصت على المواطنين من دون سندٍ من القانون.

وفيه البنود التالية:


1- الحماية الشرعية لحق الخصوصية في الإسلام

2- الحماية الدستورية والقانونية.

3- واجبات الأجهزة الأمنية في حماية حق الخصوصية.


المحور الثاني:

التستر على بعض الجرائم الجنائية ومرتكبيها في إدارتي أمن الدولة والجنائية ومكافأتهم بالترقية والمنصب الإشرافي وفيه البنود التالية:


1- قيام أحد قياديي وزارة الداخلية بإتلاف قاعدة البيانات الخاصة بالمباحث الجنائية.

2- عدم قيام بعض قيادات وزارة الداخلية بإحالة الجناة الذين قاموا بعملية النصب والاحتيال والاتجار في بيع الجوازات المزورة لفئة غير محددي الجنسية الى الجهات المختصة.


‏المحور الأول

انتهاك الخصوصية بالتجسس والتنصت على المواطنين من دون سند من القانون.

يُعتبر الحق في الخصوصية من أهم الحقوق اللصيقة بالإنسان، والذي يُحظر انتهاكه بأي صورة من الصوّر، وهو يوفّر للإنسان الحق الكامل في حماية الجسم من الاعتداء المادي والمعنوي، ويدخل فيها سمعة الإنسان وكرامته وأسراره، وحماية السكن الخاص من الانتهاك، والممتلكات، وحماية المراسلات والاتصالات بأنواعها المختلفة، ويدخل فيها اسمه وصورته، وغير ذلك من عناصر الخصوصية، بل ويمنحنا الحق في الخصوصية القدرة على اختيار أي جزء من هذا النطاق الذي يمكن للآخرين الوصول إليه، والاطلاع على تفاصيله، أو أي جزء منه، والتحكم في مدى وطريقة وتوقيت استخدام هذه الأجزاء التي يختار الإنسان بمحض إرادته الكشف عنها للآخرين.


واتفقت الشرائع السماوية المختلفة على حماية هذا الحق اللصيق بالإنسان وعلى رأسها الإسلام، ووجدت هذه الحماية صداها في دستور دولة الكويت وتشريعاته المختلفة .


أولاً:- الحماية الشرعية لحق الخصوصية في الإسلام

نهى الله تبارك وتعالى عباده المؤمنين عن التجسس في آية محكمة وصريحة، تدلُّ على حرمة هذا الفعل المشين، والخصلة المذمومة، 

ﱠ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ {الحجرات: ١٢}


قال ابن عباس: نهى الله المؤمن من أن يتتبع عورات المؤمن.

وقال البغوي: نهى الله تعالى عن البحث عن المستور من أمور الناس وتتبع عوراتهم ؛ حتى لا يَظْهر على ما ستره الله منها.

ومن أبرز تطبيقات الحق في الحياة الخاصة في الدين الإسلامي حق الفرد في حرمة مسكنه، والعيش فيه آمنًا بعيدًا عن تجسس الآخرين عليه، وهذه الحرمة تقررت بقوله 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (27) فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَداً فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (28) لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ (29) ﴾ {النور: ٢٧ - ٢٩}


وهذا ما أكده المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام في حديثه الشريف: «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه»، وهو كل ما يدخل في الخصوصيات الشخصية، كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام: «يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته».


وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : «من استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون، أو يفرون منه، صُبَّ في أذنه الآنك يوم القيامة» رواه البخاري.


وجاء أيضًا في صحيحي البخاري ومسلم- واللفظ لمسلم- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم فقد حل لهم أن يفقئوا عينه».


وبعد هذه النصوص وغيرها الواردة في الكتاب والسنة وإجماع علماء الأمة على حرمة التجسس وتتبع عورات الناس- يظهر جليًّا حرمة هذا الفعل المشين، ويزداد الإثم به عندما تمارسه بعض أجهزة الدولة ورجالها المنوط بهم حماية الناس وحياتهم الشخصية وخصوصيتهم جميعًا بأي وسيلة كانت .


ثانياً : - الحماية الدستورية والقانونية

حرص المشرع الكويتي أن يُضمّن الدستور نصوصًا و قواعدَ تقضي بالحماية للحق في الخصوصية، والحيلولة دون انتهاكها، وذلك لأهميتها وخطورتها، ولم يترك ذلك لإرادة المشرع العادي المنفردة، بل وضعها في قمّة الهرم التشريعي، وهو الدستور، وبذلك يكون كل انتهاك لها غيرَ مشروع، ويُرتّب مساءلةً جنائية ومدنية وتأديبية وسياسية لكل من يتعدّى عليها، أو يشترك في التعدي عليها، أو يوفّر الحماية لمنتهكيها.


فقضت المادة (8) من الدستور الكويتي بكفالة الأمن والطمأنينة للمواطنين.

ونصّت المادة (30) على أن: «الحرية الشخصية مكفولة».


ثم قضت المادة (31) على أنه:

«لا يجوز القبض على إنسان أو حبسه أو تفتيشه أو تحديد إقامته أو تقييد حريته في الإقامة أو التنقل إلا وفق أحكام القانون . ولا يعرض أي إنسان للتعذيب أو للمعاملة الحاطة بالكرامة».

ثمّ قرّرت الفقرة الثانية من المادة ( 34 ) أنه:

«..... ، يحظر إيذاء المتهم جسمانيًّا أو معنويًّا».

وحيث إن المسكن الخاص هو مستودع سر الإنسان فقد أفرد له الدستور نصًّا خاصًّا فقضت المادة (38) بأنَّ: « للمساكن حرمة، فلا يجوز دخولها بغير إذن أهلها ، إلا في الأحوال التي يعينها القانون وبالكيفية المنصوص عليها فيه».

 

ثم قدّمت المادة (39) حمايةً دستوريةً للمراسلات بمختلف أنواعها، ونصّت على أنَّ: «حرية المراسلة البريدية والبرقية والهاتفية مصونة، وسريتها مكفولة، فلا يجوز مراقبة الرسائل، أو إفشاء سريتها إلا في الأحوال المبينة في القانون وبالإجراءات المنصوص عليها فيه».


وبهذه النصوص الواضحة الجليّة يكون الدستور الكويتي قد نصّ في أعلى الهرم التشريعي في الدولة- وهو الدستور- على حماية كل عناصر الإنسان التي بمجملها تُشكّل عناصر الخصوصية؛ فحمى حياته وجسمه وكرامته وشعوره ومسكنه ومراسلاته وحريته .... إلخ.


والغاية من وضعها في هذا الموضع هو إرسال رسالة واضحة أن هذا الحق وكافة عناصره يتمتع بحماية عالية جدًّا، وأن من انتهكه سيخضع للجزاءات القانونية المختلفة، مهما كان موقعه في الحكومة، حتى لو كان وزير الداخلية بنفسه، أو أيًّا من القيادات الأمنية التابعة له والخاضعة لإشرافه وتوجيهه.


ثمّ أصدر المشرّع عددًا من القوانين تحمل في طياتها حماية جنائية موضوعية للحق في الخصوصية من خلال نصوص تحظر انتهاك عناصر الخصوصية، وتقرّر العقاب المناسب لها، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:


أ- نص قانون الجزاء رقم 16/1960 في مواده على حماية كيان الإنسان المادي والمعنوي وسمعته، وقرر حماية مراسلاته، وجرّم انتهاك حرمة مُلكه.

ب- قرّرت المواد (53،54،55،56) من القانون رقم 31/1970- بشأن جرائم أمن الدولة الخارجي والداخلي- الحماية لبعض عناصر الحق في الخصوصية؛ فقام بتجريم تعذيب المتهم، والأمر بمعاقبة المحكوم عليه بعقوبة لم يحكم بها، والدخول للمساكن بغير رضا أصحابها وخلافًا لما يقرره القانون، واستعمال القسوة مع الناس.

ج- وقرّر القانون رقم 9 لسنة 2001- بشأن إساءة استعمال أجهزة الاتصالات الهاتفية وأجهزة التنصت- عقاب كل من تعمد الإساءة أو التشهير بغيره عن طريق استعمال جهاز أو وسيلة من وسائل الاتصال الهاتفية أو غيرها في التقاط صورة أو أكثر أو مقاطع فيديو له من دون علمه أو رضائه، أو استغل إمكانات هذه الأجهزة واستخرج صورًا منها من دون إذن أو علم أصحابها، وقرر عقاب كل من قام عن طريق هذه الأجهزة أو الوسائل بإرسال الصور المبينة في الفقرة السابقة أو أي صورة أو مقطع فيديو مخلٍّ بالآداب العامة إلى أشخاص آخرين، أو قام بنشرها أو تداولها بأي وسيلة كانت، وشدّد العقوبة في حال اقتران الأفعال المشار إليها في أي من الفقرتين السابقتين بالتهديد أو الابتزاز، أو تضمنت استغلال الصور بأي وسيلة في الإخلال بالحياء أو المساس بالأعراض أو التحريض على الفسق والفجور.

د- وقرّر القانون رقم 3 لسنة 2006- في شأن المطبوعات والنشر- والقانون رقم 61 لسنة 2007- بشأن الإعلام المرئي والمسموع- قرَّرا حماية كرامة الأشخاص أو حياتهم الخاصة أو المجتمع وعدم المساس بها.


وغير ذلك الكثير من التشريعات التي توفّر الحماية الجنائية للحق في الخصوصية وعناصر هذا الحق كافة .


ولم يكتفِ المشرّع بهذه الأنواع من الحماية المتمثّلة في التجريم والعقاب، وهي الحماية الجنائية الموضوعية، بل رتّب حماية إجرائية متمثّلة في أن كل دليل مستمد من انتهاك الحق في الخصوصية يُعدُّ باطلاً هو والعدم سواء، ولا أثر له في إثبات الإدانة.


‏فقد تعرّض قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية الكويتي للبطلان كجزاء يرتّبه القانون على مخالفة القواعد الأساسية في الإجراءات الجنائية في المواد (146 و 159 و175)؛ حيث قضت المادة (159) بأنه: «إذا تبين للمحكمة أن أقوال المتهم أو اعترافاته قد صدرت نتيجة تعذيب أو إكراه فعليها أن تعتبرها باطلة، ولا قيمة لها في الاثبات ....»، ‏ونصت كذلك المادة (175 إجراءات) ‏على أنه: «يجب أن يكون الحكم مشتملاً على الأسباب التي بُني عليها وإلا كان باطلًا...»، وقضت المادة ( ‫146‏/1‬ إجراءات ) على أنه: «إذا تبيّن للمحكمة أن إجراءً من إجراءات الدعوى أو التحقيق به عيب جوهري، فلها أن تأمر ببطلانه وبإعادته، أو أن تقضي بتصحيح العيب الذي لحقه، كلما كان ذلك ممكنًا، ‏ولا يجوز الحكم ببطلان الإجراء إذا لم يترتّب على العيب الذي لحقه أي ضرر بمصلحة العدالة أو الخصوم...».‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬


‏ووضع قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية في المادة (1/45) نصًّا عامًّا يقيّد سلطات الشرطة أثناء إجرائها التحريات وجمع المعلومات عن الجرائم المختلفة يحول دون المساس بحريات الأفراد وتقييدها؛ حيث قضت بأنه: «لرجال الشرطة عند قيامهم بالتحريات أن يستعملوا وسائل البحث والاستقصاء التي لا تضر بالأفراد ولا تقيّد حرياتهم ...».


موقف القضاء الكويتي من الحق في الخصوصية :

وضعت السلطة القضائية ممثلة بالمحكمة الدستورية ملامح الحق في الخصوصية وتحديده، وضمنت احترامه من قبل باقي سلطات الدولة، وقد أكدت في أحكام كثيرة أن الحق في الخصوصية حق طبيعي وأصيل من حقوق الإنسان، وجاءت الأحكام دالة على ذلك، ومن الأمثلة ما حكمت به المحكمة الدستورية والذي جاء فيه بناءً على طلب مجلس الوزراء في تفسير المادة (99)؛ حيث قرَّرت المحكمة «أن حق عضو مجلس الأمة في توجيه السؤال - وفق أحكام المادة الـ99 من الدستور- ليس حقًّا مطلقًا، وإنما يحده حين ممارسته حق الفرد الدستوري في كفالة حريته الشخصية، بما يقتضيه من الحفاظ على كرامته واحترام حياته الخاصة، ومنها حالته الصحية ومرضه، بما لا يصح معه لمن استودع السر الطبي- ومنهم وزير الصحة- أن يكشف سر المريض، بما في ذلك اسمه من دون إذنه أو ترخيص من القانون». 


والملاحظ في هذا الحكم أنه حجب على النائب بعضًا من خصوصيات الناس، في الوقت الذي يمثل فيه النائب الأمة، ويمارس الرقابة والتشريع مستمدًّا سلطاته منها، وهذا إنْ دلَّ على شيء فإنما يدل على أهمية الحق في الخصوصية وحرمته وإحاطة المشرع له بالضمانات الكافية .


وخلاصة ما سبق:

‏أن البطلان في القانون الكويتي يتحقق إذا جاء الإجراء مخالفًا لقاعدة جوهرية تخل بمصلحة المتهم وتحول دون تمكينه من ممارسة حقه في الدفاع سواء في مرحلة التحريات أو التحقيقات أو في مرحلة المحاكمة، ومنها حقّه في حرمة مسكنه وعدم الدخول إليه أو تفتيشه إلا في الأحوال والشروط التي ينص عليها القانون.


‏كما أن حرمة الحياة الخاصة وعناصرها المختلفة ومنها التنصت على مراسلاته والاطلاع على رسائله وتصويره وتسجيل صوته من دون إذنه؛ يعدُّ انتهاكًا لقواعد جوهرية وردت في الدستور والقانون، وأي إخلال بها يترتّب عليه بطلان الإجراء وإهدار أي دليل مستمد منه؛ لأنه هو والعدم سواء، وما بني على باطل فهو باطل.


ثالثاً :- واجبات الأجهزة الأمنية في حماية حق الخصوصية.

حدّد قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية الكويتي، وقانون نظام قوّة الشرطة، والمرسوم الصادر في 7/1/1979 في شأن وزارة الداخلية- واجبات رجل الشرطة ودوره تحديدًا واضحًا، وألزمه بضرورة التصدي لمكافحة الجرائم، والتحري عنها، وإخطار سلطات التحقيق فيها على الفور من دون تأخير أو تقاعس.


حيث نصّت المادة ( 39 ) من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية رقم 17/1960على أن: 

«الشرطة هي الجهة الإدارية المختصّة بحفظ النظام ومنع الجرائم، وتتولى إلى جانب ذلك، وطبقا لهذا القانون، المهمات الآتية:

أولاً – إجراء التحريات اللاّزمة للكشف عن الجرائم ومعرفة مرتكبيها، وجمع كل ما يتعلق بها من معلومات لازمة.

ثانيا – تنفيذ أوامر سلطات التحقيق والمحاكمة في كل ما يتعلق بالتحقيقات والمحاكمات.

ثالثا – تولي مَن ثبت له من رجال الشرطة صفة المحقق للتحقيق في الأحوال التي ينص فيها القانون على ذلك».


وتنص المادة (40) من ذات القانون على أن : «تختص الشرطة بتلقي البلاغات عن جميع الجرائم، وعليها أن تقوم بفحصها وجمع المعلومات المتعلقة بها، وإثباتها في محضر التحري، ويقيد ملخص البلاغ وتاريخه فورًا في دفتر يعدُّ لذلك بمركز الشرطة.


وإذا بُلِّغ أحد رجال الشرطة، أو علم بارتكاب جريمة؛ فعليه أن يُخطِر فورًا النيابة العامة في الجنايات ومحققي الشرطة في الجنح بوقوع الجريمة، وأن ينتقل إلى المحل الذي وقع فيه الحادث للمحافظة عليه، وضبط كل ما يتعلق بالجريمة ويفيد التحقيق، وللقيام بالإجراءات التي تقتضيها الظروف، وعليه أن يثبت جميع هذه الإجراءات في محضر التحري».


وتنص المادة (41) كذلك على أنه:

«يجب على رجل الشرطة أثناء قيامه بالتحري أن يسمع أقوال المبلغين، وله أن يستدعي الشهود، ويسمع أقوالهم، ويثبتها في محضره. ولكن لا يجوز له تحليفهم اليمين، ولا إلزامهم بالتوقيع على أقوالهم. يجب أن يثبت في محاضر التحري جميع الأعمال والإجراءات التي قامت بها الشرطة بشأن الحادث، سواء أدّت هذه الاجراءات إلى نتائج أو لم تؤدِّ».


وقضت المادة ( 42 ) بأنه:

«يثبت رجل الشرطة أثناء تحرير محضر التحري ما يبديه المتهم من أقوال، وما يتقدم به من دفاع. وإذا كانت أقوال المتهم تتضمن اعترافًا بارتكاب جريمة، فلرجل الشرطة تدوينه مبدئيًّا في محضره، ويحال المتهم إلى المحقق لاستجوابه والتثبت من صحة هذا الاعتراف».


ونصّت المادة الثانية من القانون رقم 23 لسنة 1968 بشأن نظام قوة الشرطة على أن: «الشرطة قوة نظامية مسلحة تابعة لوزارة الداخلية تقوم على حفظ الأمن والنظام داخل البلاد وحماية الأرواح والأعراض والأموال، وتنفيذ ما تفرضه القوانين واللوائح».


‏وتقضي المادة الأولى من المرسوم الصادر في 7 يناير 1979 في شأن وزارة الداخلية على أن: «تتولى وزارة الداخلية حفظ الأمن والنظام داخل البلاد، وحماية المواطنين، وتنفيذ ما تفرضه القوانين واللوائح».


وتنص الفقرة الثالثة من المادة الثانية من  المرسوم ذاته، والتي تحدد اختصاصات وزارة الداخلية، على: « 3- العمل على منع الجرائم وضبطها والقيام بأعمال التحريات والتحقيقات والتصرف والادعاء في الجرائم وفقًا لأحكام القانون واللوائح».


‏وبمطالعة النصوص السابقة نجد أنّ وزارة الداخلية ملزمة بالمحافظة على حق المواطنين في الخصوصية، وعدم انتهاكها من أي جهة كانت، لاسيما عدم قيام وزارة الداخلية ذاتها ومنتسبيها بانتهاك هذه الخصوصية، من دون اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لذلك، ومن جهة أخرى: فعلى وزارة الداخلية التزام تام بتنفيذ أحكام القوانين واللوائح، و إخطار جهات التحقيق فورًا عن الجرائم التي تقع ‏ويتصل علمها بها مشفوعة في محاضر التحريات وأدلّة الاتهام، وكل ما يتعلق بتلك الوقائع، وهو ما لم يقم به وزير الداخلية في هذه الوقائع فهو على عكس ذلك قام بما يلي:


‏علم بانتهاك الحق في الخصوصية للمواطنين وتسجيل أصواتهم وصورهم بالمخالفة للدستور والقانون، ولم يُخطر سلطات التحقيق بذلك، وتستّر على الجُناة، وقام بترقيتهم ومنحهم مناصب إشرافية وبذلك يكون قد خالف الشريعة والدستور والقانون وحنث بالقسم فأستحق أن يوجه له هذا الاستجواب تطبيقا لحق النائب في المساءلة السياسية.


المحور الثاني:

التستر على بعض الجرائم الجنائية ومرتكبيها في إدارتي أمن الدولة والجنائية ومكافأتهم بالترقية والمنصب الإشرافي .


نتناول في هذا المحور عرض عدد من الوقائع التي تشكل جرائم جنائية يعاقب عليها القانون وذلك على النحو التالي :

1- قيام أحد قياديي وزارة الداخلية بإتلاف قاعدة البيانات الخاصة بالمباحث الجنائية.

2- عدم قيام بعض قيادات وزارة الداخلية في إحالة الجناة الذين قاموا بعملية النصب والاحتيال و الاتجار في بيع الجوازات المزورة لفئة غير محددي الجنسية الى الجهات المختصة.

علم وزير الداخلية بواقعة إتلاف البيانات في الإدارة العامة للمباحث الجنائية من قبل أحد القياديين فيها، وهي جريمة خطيرة وكبيرة، ولم يتخذ الإجراءات القانونية اللازمة، ولم يُخطر سلطات التحقيق بذلك، وتستّر على مرتكبها، ومنحه منصبًا إشرافيًّا كبيرًا، وفي السياق ذاته علم كذلك بواقعة عدم قيام بعض قيادات وزارة الداخلية بإحالة الجناة الذين تاجروا في بيع الجوازات المزورة لفئة غير محددي الجنسية الى الجهات المختصة. 


أولاً: قيام أحد قياديي وزارة الداخلية بإتلاف قاعدة البيانات الخاصة بالمباحث الجنائية.

1- ملخص الواقعة:

قام أحد قياديي وزارة الداخلية باقتحام مواقع التخزين لبعض الملفات والمراسلات السرية وإتلافها؛ حيث تمَّ إتلاف وحذف 60 ألف ملف تحمل الطابع السري، ويحظر تداولها، ومع علم الوزير بالواقعة لم يتخذ إجراء حاسما رادعا لمثل هذه الأفعال المتعلقة بأمن الدولة وما زال يتمتع بمنصبه القيادي . 


2- التكييف القانوني لهذه الواقعة.

هذه الأفعال تثير شبهة جرائم خطيرة جدًّا تمس أمن الدولة الداخلي والخارجي، ومع ذلك تعامل معها الوزير بلا مبالاة، ولم يعطها حقها من البحث والدراسة من جهة، ولم يُخطِر بها جهات التحقيق من جهة أخرى، بل ولم يحرك ساكناً تجاه مقترف هذه الأفعال، ومنحه منصبًا أعلى ومكَّنه من إدارة جهة مهمة في الوزارة.

 

وهذه الأفعال تثير شبهة الجرائم المؤثمة في القوانين التالية:

1- في القانون رقم 31 لسنة 1970 بتعديل بعض أحكام قانون الجزاء رقم 16 لسنة 1960 بشأن جرائم أمن الدولة الداخلي والخارجي.

أ- تنص الفقرة الأولى من المادة الثامنة على أنه: «يعاقب بالحبس المؤبد: كلُّ من أتلف أو عيَّب أو عطَّل عمدًا أسلحة أو سفنًا أو طائرات أو مهمات أو منشآت أو وسائل مواصلات أو مرافق عامة أو ذخائر أو مؤنًا أو أدوية أو غير ذلك مما أُعد للدفاع عن البلاد، أو مما يستعمل في ذلك، يعاقب بالعقوبة ذاتها كل من أساء عمدًا صنعها أو إصلاحها. كل من أتى عمدًا عملًا من شأنه أن يجعلها غير صالحة ولو مؤقتا للانتفاع بها فيما أعدت له أو أن ينشأ عنها حادث».


ب- ‏وتنص المادة (17) على أنه: «يعاقب بالحبس المؤقت الذي لا تقل مدته عن ثلاث سنوات كل من سلم لدولة أجنبية أو لأحد ممَّن يعملون لمصلحتها بأي صورة وعلى أي وجه وبأي وسيلة إخبارات أو معلومات أو أشياء أو مكاتبات أو وثائق أو خرائط أو رسومًا أو صورًا، أو غير ذلك مما يكون خاصًّا بالمصالح الحكومية أو الهيئات العامة أو المؤسسات ذات النفع العام وصدر أمر من الجهة المختصة بحظر نشره أو إذاعته».


‏فالفاعل الذي أقدم على إتلاف تلك القواعد المعلوماتية التي تحوي أكثر من 60,000 ملف إنما تنطبق عليه المادتان السابقتان بشكل واضح، وتثير في حقه شبهة ارتكاب هذه الجرائم التي كان على الوزير المستجوب إحالته إلى سلطات التحقيق لتأخذ العدالة مجراها في حقه، وهو ما لم يقم بعمله.


2- في القانون رقم 63 لسنة 2015 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات.

أ- عرّفت المادة الأولى من القانون سالف الذكر بعض المصطلحات ذات العلاقة بالواقعة وهي:

البيانات الإلكترونية: بيانات ذات خصائص إلكترونية في شكل نصوص أو رموز أو أصوات أو رسوم أو صور أو برامج حاسب آلي أو قواعد للبيانات.

النظام الإلكتروني المؤتمت: برنامج أو نظام إلكتروني لحاسب آلي تم إعداده ليتصرف أو يستجيب لتصرف بشكل مستقل، كليًّا أو جزئيًّا، من دون تدخل أو إشراف أي شخص طبيعي، في الوقت الذي يتم فيه التصرف أو الاستجابة له.

نظام المعالجة الإلكترونية للبيانات: نظام إلكتروني لإنشاء أو إدخال أو استرجاع أو إرسال أو تسلم أو استخراج أو تخزين أو عرض أو معالجة المعلومات أو الرسائل إلكترونيًّا.

الشبكة المعلوماتية: ارتباط بين أكثر من منظومة اتصالات لتقنية المعلومات للحصول على المعلومات وتبادلها.

المستند أو السجل الإلكتروني: مجموعة بيانات أو معلومات يتم إنشاؤها أو تخزينها أو استخراجها أو نسخها أو إرسالها أو إبلاغها أو استقبالها كليًّا أو جزئيًّا بوسيلة إلكترونية، على وسيط ملموس أو على وسيط إلكتروني آخر، وتكون قابلة للاسترجاع بشكل يمكن فهمه.

الموقع: مكان إتاحة المعلومات على الشبكة المعلوماتية من خلال عنوان محدد.

إلكتروني: كل ما يتصل بتكنولوجيا المعلومات وذات قدرات كهربائية أو رقمية أو مغناطيسية أو بصرية أو كهرومغناطيسية أو وسائل أخرى مشابهة، سلكية كانت أو لاسلكية، وما قد يستحدث من تقنيات في هذا المجال.

وسيلة تقنية المعلومات: أداة إلكترونية تشمل كل ما يتصل بتكنولوجيا المعلومات وذات قدرات كهربائية أو رقمية أو مغناطيسية أو بصرية أو كهرومغناطيسية أو ضوئية، أو وسائل أخرى مشابهة، سلكية كانت أو لاسلكية، وما قد يستحدث من في هذا المجال.

الجريمة المعلوماتية: كل فعل يرتكب من خلال استخدام الحاسب الآلي أو الشبكة المعلوماتية، أو غير ذلك من وسائل تقنية المعلومات بالمخالفة لأحكام هذا القانون.

ب- تنص المادة ( 2 ) من القانون سالف الذكر على أنه: «يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن خمسمائة دينار ولا تجاوز ألفي دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من ارتكب دخولًا غير مشروع إلى جهاز حاسب آلي أو إلى نظامه أو إلى نظام معالجة إلكترونية للبيانات أو إلى نظام إلكتروني مؤتمت أو إلى شبكة معلوماتية.

فإذا ترتب على هذا الدخول إلغاء أو حذف أو إتلاف أو تدمير أو إفشاء أو تغيير أو إعادة نشر بيانات أو معلومات، فتكون العقوبة الحبس مدة لا تجاوز سنتين والغرامة التي لا تقل عن ألفي دينار ولا تجاوز خمسة آلاف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين، فإذا كانت تلك البيانات أو المعلومات شخصية فتكون العقوبة الحبس مدة لا تجاوز ثلاث سنوات والغرامة التي لا تقل عن ثلاثة آلاف دينار ولا تجاوز عشرة آلاف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين.

ويعاقب بالحبس مدة لا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف دينار ولا تجاوز عشرين ألف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من ارتكب أيًّا من الجرائم المنصوص عليها أعلاه أو سهل ذلك للغير وكان ذلك أثناء أو بسبب تأدية وظيفته».

والسؤال الموجّه للوزير المستجوب: هل هناك وضوح لهذه الواقعة بعد استعراض النصوص سالفة الذكر والتأكد من انطباقها على الواقعة، ومع ذلك أشاح وجهه عنها وتجاهلها وكأنَّ شيئاً لم يكن، وكأن مصلحة عظيمة من مصالح البلاد والعباد لم تنتهك؟ فأيُّ إهمالٍ بعد هذا الإهمال، وأي تهاون بعد هذا التهاون والتخاذل في الأمن الوطني للدولة ؟!!


ثانياً- عدم قيام بعض قيادات وزارة الداخلية بإحالة الجناة الذين قاموا بعملية النصب والاحتيال و الاتجار في بيع الجوازات المزورة لفئة غير محددي الجنسية الى الجهات المختصة.

 

1- ملخص الواقعة

تعرض عدد كبير من فئة غير محددي الجنسية ( البدون ) الى عملية نصب واحتيال وتزوير حيث تداولت وسائل الإعلام ظهور اعلانات مدفوعة الأجر تحث أبناء هذه الفئة بل وتدفعهم في ظل الضغوط الاجتماعية والاقتصادية التي تحيط بهم الى قبول الدعوة الإعلانية من بعض الأشخاص والشركات ومكاتب انجاز المعاملات الى اغتنام فرصة حصولهم على جنسيات محددة وجوازات السفر الصادرة من بعض الدول ثم ظهر أن معظمها مزور وغير صحيحة ولم تصدر من الدول المنسوبة لها ،وتفاقمت المشكلة حيث باتت هذه الفئة من دون بطاقات اقامة واستمرت هذه الفئة أسيرة لعملية النصب والاحتيال وضحية لممارسات غير انسانية في غياب لدور وزارة الداخلية في تتبع هؤلاء التجار القائمين بجرائم النصب على هذه الفئة ، وتجاهل تام لهذا الملف الذي هو أخطر الملفات الإنسانية والأمنية ، في الوقت الذي يشير المجتمع الدولي للكويت باعتبارها بلد الإنسانية وقائدها حضرة صاحب السمو أمير الانسانية ، قام وزير الداخلية بتجاهل هذه القضية رغم التنبيهات مرارا ، من خلال لجنة حقوق الانسان والأسئلة البرلمانية إلا انه لم يحرك ساكنا تجاه هذه الجريمة وتسبب في أوضاع مأساوية وضاعف معاناة هذه الفئة من غير محددي الجنسية . 

2- التكييف القانوني للواقعة

تمثل واقعة تزوير الجوازات والدعوة لها جريمتي النصب والاحتيال وجريمة التزوير في المحررات الرسمية المؤثمتين في قانون الجزاء الكويتي رقم 16 / 1960 حيث تنص المادة رقم 231 على انه :- (يعد نصبا كل تدليس قصد به فاعله ايقاع شخص في الغلط او بإبقائه في الغلط الذي كان واقعا فيه ، لحمله على تسليم مال في حيازته وترتب عليه تسليم المال للفاعل او لغيره ، سواء كان التدليس بالقول او بالكتابة او بالإشارة.

يعد تدليساً استعمال طرق احتيالية من شأنها ايهام الناس بوجود واقعة غير موجودة، أو إخفاء واقعة موجودة، أو تشويه حقيقة الواقعة، وذلك كالإيهام بوجود مشروع كاذب أو تغيير حقيقة هذا المشروع أو إخفاء وجوده، أو إحداث الأمل بحصول ربح وهمي ، أو إيجاد سند دين لا حقيقة له أو إخفاء سند دين موجود ، أو التصرف في مال لا يملك المتصرف حق التصرف فيه ، أو اتخاذ اسم كاذب أو انتحال صفة غير صحيحة).

وتنص المادة رقم 232 على انه :- (يعاقب على النصب بالحبس مدة لا تجاوز ثلاث سنوات وبغرامة لا تجاوز ثلاثة آلاف روبية او بإحدى هاتين العقوبتين).

 

وتنص المادة رقم 257 على أنه : (يعد تزويرا كل تغيير للحقيقة في محرر بقصد استعماله على نحو يوهم بأنه مطابق للحقيقة ، اذا كان المحرر بعد تغييره صالحاً لأن يستعمل على هذا النحو ويقع التزوير اذا اصطنع الفاعل محررا ونسبه الى شخص لم يصدر منه ، أو ادخل تغييرا على محرر موجود سواء بحذف بعض ألفاظه أو بإضافة ألفاظ لم تكن موجودة أو بتغيير بعض الألفاظ ، أو وضع إمضاء او خاتم او بصمة شخص آخر عليه من دون تفويض من هذا الشخص ، أو حمل ذلك الشخص عن طريق التدليس على وضع امضائه أو خاتمه أو بصمته ، على المحرر من دون علم بمحتوياته أو من دون رضاء صحيح بها ويقع التزوير ايضا اذا غير الشخص المكلف بكتابة المحرر معناه اثناء تحريره بإثباته فيه واقعة غير صحيحة على انها واقعة صحيحة ، ويقع التزوير من استغل حسن نية المكلف بكتابة المحرر فأملى عليه بيانات كاذبة موهماً انها بيانات صحيحة).

 

وتنص المادة رقم 258 على أنه : (كل من ارتكب تزويراً يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ثلاث سنوات وبغرامة لا تجاوز ثلاثة الاف روبية او بإحدى هاتين العقوبتين).

 

وبذلك تكون هذه الأفعال سواء الحصول على جوازات سفر مزورة أو الدعوة والإعلان على مرأى ومسمع من وزارة الداخلية جرائم جنائية ما زال يئن من أضرارها المئات بل الآلاف من غير محددي الجنسية ومع ذلك لم يحرك وزير الداخلية ساكنا في إحالة الجناة الذين ارتكبوا هذه الجرائم وورطوا غير محددي الجنسية في هذا الفخ الى النيابة العامة بل مر الأمر بسلام وكأن شيئا لم يكن بالمخالفة للقوانين التي تلزم وزارة الداخلية باتخاذ الاجراءات القانونية في حق الجناة رغم علم الوزير بهذه الجريمة وتفاصيلها.

تعليقات

اكتب تعليقك